في صباحات أليفة منذ أربعة عقود كان غرم التهامي يحتل ركنا من سوق الخميس في الباحة عارضا ما تيسر من مصنوعات ومنسوجات. كانت ملامحه موشومة بالأمل والتفاؤل، ولم تكن الباحة اتصلت بتهامة من خلال عقبة اختصرت المسافة في نصف ساعة، ومع ما شهدته الباحة من تنمية إذ تم افتتاح مستشفى الملك فهد في المنطقة ومن الطبيعي أن يكون معظم العاملين والعاملات فيه من خارج المملكة، إضافة إلى التعاقد مع شركة صينية لمد أبراج وأعمدة الكهرباء، وإذا الوجوه لم تعد ذات الوجوه المألوفة لغرم فأخذ صاحبنا يسلي نفسه وينعش روحه بالقصيد (اختلط حب المساقي وحب العثري وبعد يزيد)، كانت للسوق تفاصيله المثيرة وحكاياته الطريفة، ولا ينسى بعض كبار السن قصة العريس المفلس إذ خطب وعقد على العروس بكومة مفاتيح ولم يكن يملك مالا ولا حلالا لتجهيز عشاء لأرحامه وجماعته فجاء إلى السوق والسمسار يصيح من يشتري بالغلاق فاقتاد الثور إلى القرية ولم يكد يلحق به البائع والسمسار إلا والثور معلق والجماعة يسلخون فرحب بهم وأقسم عليهم أن يشاركوه فرحته وأدخلهم البيت فحلفوا بالطلاق ما نخرج إلا وثمن الثور في أيدينا فاستنجد باثنين من أبناء العمومة وربط عمود البيت «الزافر» بالحبال وأخرجها من الباب وقال: إذ قلت شدوا فشدوا، فسألاه: ماذا تصنع يا مغزول؟ فأجابهم سأهد الزافر وأبيعه وأعطيكم ثمن الثور، وصاح: شدوا، فخرج الحالف والسمسار مسارعين إلى خارج المنزل، فركب المشدود وقال لهما: زوجتاكما طالقتان وسأذهب لأخبر رئيس الهيئة، وتدخل المصلحون واتفقوا على أن يشاركوهم العشاء ويسددهم العريس مما يناله من رفد ومباركة وانقلب المشهد إلى فرح ولعب وردد الشاعر «يا هابط السوق عصرا والنهار اقفى، الضحوة للفايدة ما هي كما الروحة، من يهبط السوق عصرا ما معه فيده، يعود كفه خلية والهم اسرابه» علمي وسلامتكم.