تسلم ستيفان دي مستورا ثالث مبعوث أممي إلى سوريا، مهامه بعد استقالة كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي لأسباب متشابهة، في مقدمتها تعنت نظام بشار الأسد وعدم قبوله بالحلول السياسية. فهل ينجح دي مستورا فيما فشل فيه سلفيه؟ الأممالمتحدة ورغم مضي ثلاث سنوات على الأزمة السورية، ورغم ما خلفته المأساة من قتل وتدمير وتهجير، بلغت جرائم ضد الإنسانية، إلا أن المنظمة الأممية ما زالت تؤمن بأن الحل في سوريا لن يكون إلا سياسيا. مهمة دي مستورا بدأت، والبداية كانت من حيث بدأ السلف، جولة استطلاعية على أرض الأزمة والنار وفي الجوار، وكلمات مقتضبة بعد انتهاء كل لقاء «الأجواء كانت مفيدة»، لذلك فإن السؤال المطروح يتكرر، طالما بدايات وانطباعات المبعوث الجديد جاءت نسخة مكررة من بدايات وانطباعات المبعوثين السابقين، فهل ينجح دي مستورا حيث فشل كوفي والأخضر؟ العالم اليوم منشغل من مشرقه إلى مغربه بالتحالف الدولي من أجل محاربة الإرهاب وفي مقدمته «داعش»، والأممالمتحدة ورغم مساندتها للحلف الدولي إلا أنها بدت منشغلة أيضا وعلى خط متواز بانطلاق عمل مبعوثها الجديد دي مستورا ومحاولاتها الدفع باتجاه عملية سياسية لإنهاء الأزمة. هذه المرة، من الممكن الرهان على حدوث كوة كبيرة في جدار الأزمة السورية، وهذا الرهان لن يكون على الجديد الذي سيحمله دي مستورا بقدر ما هو رهان على الخط المتوازي الذي ظهر إن عبر إصرار التحالف الدولي بالقضاء على «داعش» أو عبر إصرار الأممالمتحدة على إيجاد حل سياسي للأزمة. وبدل الوقوف طويلا لمراقبة هذا الخط الرفيع الذي يقف عليه العالم إن كان قد رسم بالتنسيق فيما بينهم أو بالمصادفة، يجب الوقوف على الطرح أو التصور الذي أجمعت عليه غالبية الدول المترقبة لضربات الحلف الدولي ورفضت المشاركة، وأخرى قررت المشاركة وهو ضرورة أن يترافق أي عمل عسكري بعمل سياسي ينهي الأزمة في سوريا. وإلى جانب هذا الرهان، لا بد من الإشارة إلى رهان آخر، وهو على المقلب الثاني من الأزمة، حلفاء النظام السوري (روسيا والصين وإيران)، الذين أثبتوا براعة بالمراوغة في المفاوضات واستطاعوا التنصل من أي عقوبة أو ضربة دولية لحليفهم الذي لا حول ولا قوة له إن رفعوا الغطاء عنه كما حصل مع نوري المالكي. المجتمع الدولي ومعه العالم العربي بدوا وكأنهم خلية واحدة سياسيا وإنسانيا وعسكريا، وهذه الخلية إن ارتطمت بالجدار السوري كتلة واحدة ستحدث فيه كوة لا محال، والفرق هذه المرة أن الكوة ستكون كبيرة ولو بحجم ورقة حل تحمل توقيع الجميع.