تؤكد دراسات عدة على أن من الأولويات الرئيسة للدول المتقدمة اليوم العمل على ربط التعليم بالتطور الاجتماعي والاقتصادي للدولة، وهو ما يفرض أن تكون المؤسسات التعليمية عاملا أساسيا للتغيير الاجتماعي. وتوصف المدارس والجامعات بأنها من أهم روافد حماية قيم المجتمع الإيجابية، وتشكيل توجهاته الفكرية، وذلك ما يفرض عليها مسؤولية عظيمة تجاه تعزيز الأمن الفكري، ووقاية الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس من أية انحرافات فكرية، والوفاء بتطلعات المجتمع الذي منحها ثقته في أغلى ثروة يمتلكها، ألا وهي ثروة رأس المال البشري. إن تحقيق ذلك يتطلب بذل كل الجهود الممكنة لتفعيل دور المؤسسات التعليمية في التعاون مع المجتمع، والتكامل مع أفراده ومؤسساته للقيام بوظائفها التعليمية والتربوية المنشودة، وتصحيح الأخطاء التي قد ترتكبها مؤسسات أخرى، وتنسيق الجهود التي تبذلها بقية مؤسسات المجتمع بما يسهم في تطبيق أفضل الأساليب التربوية الملائمة للطلاب والطالبات. ويشهد مجتمعنا السعودي تحديات سياسية واجتماعية وثقافية متلاحقة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ضرورة تعزيز الدور الوقائي للمؤسسات التعليمية، وتوعية القيادات التربوية بضرورة تحقيق الأمن الفكري وتحصين عقول الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس ضد أية انحرافات عقائدية، أو السير وراء الأفكار المضللة. ويمكن تعزيز الدور الوقائي للمؤسسات التعليمية من خلال حسن اختيار القائمين على هذه المؤسسات والعاملين بها بما يضمن سلامة أفكارهم، وبعدهم عن التطرف أو المصالح الشخصية. وتنفيذ برامج فعالة لغرس القيم الإيجابية لدى الطلاب والطالبات، وتنمية روح المواطنة فكرا ووجدانا وسلوكا، وترسيخ الشعور بالانتماء للوطن والولاء له، والتمسك به بشكل لا يقبل الفرد بديلا عنه. وتعزيز السلوك الحسن، والأخلاقيات الفاضلة، والعمل على إبرازها والإشادة بها، ومكافأة أصحابها. وتفعيل اللوائح والأنظمة والعقوبات المتعلقة بالسلوك والمواثيق المدرسية والجامعية، بما يسهم في تعزيز مصداقية هذه المؤسسات وموضوعيتها. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المؤسسات التعليمية لتحقيق الأمن الفكري؛ إلا أنها تظل قاصرة عن الوصول لأهدافها دون مساندة الأسرة لها، خاصة أنها تعد الخط الأول لوقاية أفراد ومؤسسات المجتمع ضد أية مخاطر مهما كان نوعها.. * كلمة أخيرة: في جميع الظروف والأحوال، يبقى المواطن هو رجل الأمن الأول. [email protected]