«اللنكد إن» هي وسيلة للتواصل على الإنترنت لخدمة سوق العمل والأفراد الباحثين عن توسيع شبكة علاقاتهم المهنية للبحث عن وظائف أو استثمارات أو فرص تسويقية أو «للنت ووركنج» ، ويفوق عدد المشتركون فيها ال 250 مليون شخص من حول العالم. وطبعا فإن أصحاب المناصب المهمة الذين يملكون علاقات متميزة في العالم الحقيقي ويعرفون من يخاطبون إن احتاجوا إلى معلومة أو خدمه معينة يسعون بمثابرة في العالم الإلكتروني أيضا لتكوين شبكة تواصل ضخمه مع الرؤوس الهامة «ليطرقوا المسمار على رأسه» كما يقول المثل الإنجليزي في وقت الحاجة. كل هذا جميل ومعروف، ولكن المثير خبر تناقلته وكالات الأنباء العالمية مثل السي إن إن ووسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام، وهو يدل على وجود الطبقية الوظيفية والغطرسة المهنية حتى على وسائل التواصل الاجتماعي الوظيفية مثل «اللنكد إن». ففي التاسع عشر من فبراير 2014 ، أرسلت فتاة في السادسة والعشرين من عمرها «إيميل» إلى «كيلي بلازيك» وهي سيدة ترأس شركة ناجحة في كليفلاند الأمريكية لتوظيف الكوادر المؤهلة عبر الإنترنت تطلب منها العثور على وظيفة تناسب مؤهلاتها. ولكن الطامة الكبرى أتت عندما أرسلت طالبة الوظيفة واسمها ديانا ميكوتا طلبا إلى حساب كيلي بلازيك في اللينكد إن تطلب منها قبولها ككونتاكت. هنا ثار غضب كيلي! فإرسال طلب وظيفي إلى إيميل شركتها شيء وطلب التواصل معها على حسابها الشخصي في لينكد إن شيء آخر. لم تدع كيلي هذا التصرف البرئ «يعدي على خير» ولم تكتفِ برفض الطلب بلباقة أو تطنيشة وإنما سارعت بإرسال رد ساخر ومهين إلى ديانا قالت فيه: «رغبتك في التواصل معي ليست لائقة فهي تخدم مصالحك أنت فقط وهذا تصرف سوقي» وأضافت بسخرية «واو! إنني فعلا لا أستطيع مقاومة ضم كل باحث عن وظيفة في السادسة والعشرين من عمره إلى حسابي لهدم علاقاتي مع نخبة المجتمع الوظيفي وإزعاجهم بطلب وظيفة». ولم تكتفِ كيلي بذلك بل استطردت : «يعجبني في جيلكم هذه الثقة الفارغة وإحساسكم أن لكم حقوقا على الآخرين». ويبدو أن كيلي كانت في مود مناسب للتهزيء والتعنيف النفسي وتقليل القيمة، فقد أضافت: «تفضلي، سأعطيك درسا يعلمك التواضع : في حياتك لا تتجرئي على التواصل مع من هم في طبقة وظيفية أعلى منك شأنا متوقعة بأن قائمة معارفهم المنتقاة بعناية ستصبح من حقك لأنك ترغبين في بناء العلاقات. تعلمي هذا الدرس واعتبريه درس العام بالنسبة لك»، ولم تكتفِ بذلك بل قررت تأكيد الدرس مهددة: «حذارِ من أن ترسلي لي بعد ذلك أي رسالة!». ورغم ذلك فقد ردت ديانا على كيلي قائلة بنفس السخرية بأنها «تعتذر عن إزعاجها ومحاولة التطفل على علاقاتها المتميزة والاستثنائية وأنها تريد إيضاح سوء التفاهم، فهي كانت تريد منها فقط الاطلاع على ملفها الوظيفي المنشور على اللينكد إن لتساعدها في العثور على الوظيفة المطابقة لمؤهلاتها». إحساس ديانا بالمهانة جعلها تنشر الإيميلات المتبادلة بينها وبين كيلي على وسائل التواصل الاجتماعية مثل ايميجر وسرعان ما انتشرت نسخ الإيميلات المتبادلة بين الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعية مثل ريد إت وبزفيد . لدرجة أن بعض الذين أعجبتهم القصة قاموا بتمثيل محاكاة ساخرة على تويتر أسموها «كرابي كيلي» أو كيلي المتنرفزة، لإضحاك الناس.. ويبدو أن كيلي وهي من المدرسة القديمة «أولد سكول» لم تتوقع ردود الفعل المتنامية التي يمكن أن تسببها وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، فقد صدمت لما حدث وخاصة أن شركتها كانت من أنجح الشركات في التوظيف وقد نالت هي جائزة قبلا لأفضل شخص قدرة على التواصل، فكانت غطرستها في لحظات سببا لهدم مافعلته طوال سنوات، وكما يقول المثل «برايد كمز بفور ذا فول» أي الغرور يأتي قبل السقوط ويسببه. تسببت الضجة في كشف ضحايا آخرين لكيلي لقوا نفس التعنيف والتهزيء ورغم أن كيلي اضطرت للاعتذار العلني والشخصي لديانا والضحايا الآخرين لعجرفتها، إلا أن شركتها قد فقدت مصداقيتها وهاجمها من يعرفها ومن لا يعرفها على الإنترنت من جميع أنحاء العالم الذي أصبح قرية كونية إلكترونية لا تغفر ولا تنسى لقليلي التهذيب واللباقة زلاتهم.