لا تزال مأساة الشعب السوري مستمرة مع دخول الأزمة عامها الثالث واستمرار القتل والعبث والتدمير الأسدي وأيضا استمرار تقاعس المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا ومارس دور المتفرج للأسف الشديد وهو يشاهد مقتل أكثر من 191 ألف شخص منذ اندلاع الأزمة في سوريا في مارس 2011 أي أكثر من ضعف ما كانت عليه حصيلة القتلى قبل عام، بحسب ما أعلنت الأممالمتحدة وهي أحدث إحصائية تصدر لعدد القتلى في سوريا. ومن المؤكد أن محاولة خلط النظام السوري لأوراق الأزمة وظهور قضية تنظيم داعش الإرهابي في العراق وتدهور الأوضاع في مناطق عدة من الشرق الأوسط، أدى إلى انصراف التركيز الدولي عن الأزمة السورية، حيث يتواصل نزيف الدم والتدمير على الأرض السورية دون رقيب ولا حسيب. إن تواري الأزمة السورية للخلف، لا يعني انتهائها لأن ثورة الكرامة التي انطلقت منذ ثلاث سنوات ما زالت مستمرة حتى يتحقق النصر ويسقط النظام البربري الأسدي وتعود سوريا الجديدة دون بشار وشبيحته وعملائه. إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ما يحدث في سوريا بشكل كامل لأنه تقاعس منذ البداية عن التعامل مع النظام البربري الأسدي وأعطى الضوء الأخضر للنظام السوري للاستمرار في القتل والإفلات من جرائم الحرب ضد الإنسانية، لكي تصبح القضية السورية بشكل مفاجئ وللأسف وكأنها مقبولة دوليا كواقع جديد على الخارطة العالمية. ومن المفزع جدا أن نقرأ الأرقام التي وثقتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة والتي أعلنت عن 191369 قتيلا في سوريا بين مارس 2011 ونهاية أبريل 2014، وأكثر من خمسة آلاف قتيل في ديسمبر 2011 وأكثر من ستين ألف قتيل في يناير 2013. وسجل أكبر عدد من القتلى الموثقين لدى الأممالمتحدة في ريف دمشق (39393) تليه محافظات حلب (31932) وحمص (28186) وإدلب (20040) ودرعا (18539) وحماة (14690). إن الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري من جرائم الإبادة والقتل والتشريد وتدمير المدن والقرى على يد النظام السوري الحالي تلقي بتأثيرات سلبية بل كارثية على مجمل الأوضاع في المنطقة واستمرار هذه الأزمة حتى الآن يرجع إلى تقاعس المجتمع الدولي عن التعامل الحازم والجاد مع هذه الأزمة من خلال التطبيق غير الصحيح والسليم للقانون الدولي وقواعد الشرعية الدولية. وعلى المجتمع الدولي أن يدرك الآن وأكثر من أي وقت مضى ضرورة إنهاء هذه الأزمة بوقف نزيف الدماء والدمار والمعاناة الإنسانية للشعب السوري وتحقيق تطلعاته المشروعة. أسئلة كثيرة تدور في ذهن الشارع العربي منها: الأزمة السورية إلى أين؟ وما هو سبب تواريها عن الأنظار؟ وما هي أجندة القوى الدولية حيالها؟ ولكن السؤال الأبرز هو إلى متى هذا التجاهل والتقاعس عن حماية الشعب السوري وحقن دمائه؟ ومتى يصحى الضمير العالمي ويبدأ في إنقاذ الشعب السوري المناضل من أجل حريته وكرامته؟.