يتبادل أهالي حي الحرازات بمدينة جدة التهاني بصدور أمر سام بإدخال التيار الكهربائي إلى منازلهم.. حدث هذا بعد عناء طويل وقد قابلوا أهالي الحي الجن والإنس من غير أن يستمع أحد لشكواهم.. إذ تمنعت أمانة جدة بالسماح لإدخال التيار إلى تلك المنازل إلا بشروط أهمها أن يكون طالب الخدمة قد بنى بيته قبل عام 1424 وفق المصورات الجوية المعتمدة، وأن لا يكون المنزل مشيدا على أرض الغير. وقد كتبت حول هذا التمنع كثيرا فإذا كان حي الحرازات مصنف من الأحياء العشوائية إلا أنه تحول إلى حي يقطنه عشرات الآلاف من المواطنين وقد تم إمداد الحي بكثير من الخدمات الحكومية التي انساقت خلف حكم الواقع، وهو واقع أسهم في تثبيته مخالفات عديدة ارتكبتها جهات حكومية مختلفة تبدأ من البلدية التي تغافلت عن بيع أراضي ذلك الحي من قبل تجار العقار وسماسرته الذين تعهدوا للمواطنين بسلامة البيع وبعد ذلك تغاضت عن البناء حتى إذا اكتمل ودخلته كثير من الخدمات أولها التيار الكهربائي استيقظت البلدية مشمرة عن ساعد الهد والهدم، والآن وبعد دخول التيار الكهربائي لمن حرم منه فقضية حي الحرازات (ومثله كثير من الأحياء التي تصنف أنها عشوائية) وصل إلى مراحل متقدمة من النظر في أحوال ساكنيه بتمليكهم أراضيهم من خلال استصدار صكوك (فبعضهم يسكن منذ أكثر من ثلاثين عاما) وقد نهضت الأمانة بالنظر إلى مخطط الحي والموافقة عليه وتصويره جويا ووعد الساكنين بقرب استصدار الصكوك وبدلا من أن تنهي مشكلة هؤلاء المواطنين بينما كان من الواجب أن تتحمل الأمانة صمتها الأول حين ارتضت بتقسيم الأراضي وبيعها والبناء عليها وتمدد الحي، فالصمت الذي حدث خلق مشكلة هذه المشكلة تم وعد أصحابها بالانتهاء منها ومنحهم تطمينات بأن مشاكلهم جميعها سوف تحل ويمنح أصحاب المنازل على صكوك وقد مضى على هذا الوعد زمن طويل من غير أن يتحرك للأمام، ومشكلة حي الحرازات لم يعد بالإمكان معالجة مشاكله بالهدم أو قطع التيار الكهربائي بل حلها يقتضي النظر إلى الواقع الذي وجد الناس أنفسهم عليه وترتيب الأمر بإيجاد حلول تقضي على المشكلة تماما. فهل يحتاج أهالي الحرازات إلى دورة جديدة من الشكوى والبحث عن الجن والإنس ليسمعوا شكوتهم ومطالبتهم بصدور صكوك على منازلهم التي يقطنونها من عقود من الزمان؟ فكما كان اعتذار الأمانة عن عدم إيصال الكهرباء للساكنين بقولها: «هذا القرار لا يمكن اتخاذه من قبل أمانة جدة» فيبدو أن أمر استصدار صكوك لأهالي حي الحرازات بحاجة إلى موال ينتهي عند صاحب القرار الذي يستطيع إنفاذ أمر الصكوك.. عنده فقط سوف تكون التهنئة أكثر بشرا وفرحا.