صدق الله العظيم.. من سورة الصافات، آية (24).. يحلو لبعض القادة أو كبار المسؤولين سواء في الأجهزة العامة أم الخاصة أن يشعروا بإبراء للذمة من بعض القرارات أو الأخطاء أو التطورات.. ولربما يعتقد البعض أنه بمجرد منحه صلاحية واسعة لمن دونه يكون قد اكتفى برمي اللوم على المناط إليه الصلاحية.. ولربما يكون كذلك واقعا في هذه الدنيا.. وإنما هذه المراوغة لا تنطلي على الحق المبين.. وليتناوله السؤال عن مسؤولياته.. في ذلك يقول تعالى «وقفوهم إنهم مسؤولون، مالكم لا تناصرون، بل هم اليوم مستسلمون» صدق الحق. وهذه واحدة من أكثر هموم الأمم في هذا العصر.. والتي تعرف «برمي المسؤولية».. فكم من مرة يتحدث مسؤول أو آخر ليرفع يده عن أخطاء وتصرفات وسلوكيات خاطئة لمن هم دونه بحكم أنه وكل له أو لهم الصلاحية للتصرف.. وكم من وكيل أو أمين أو مدير عام لجهاز أو شركة تجارية أو مؤسسة أو رئيس قسم عبث بمصالح الآخرين إن لم يكن قد تناول معاملاتهم بسخرية وسلبية دون حياء.. وكم من «مشتكي» أو «شاكي» وصل لمانح الصلاحية ليجد أن لا هم لديه سوى أنه منح السلطة والصلاحية فيعود أدراجه إلى الخصم فيكون خصمه حكما!. مع الترحيب الواسع بمنح الصلاحيات.. إلا أن هذا لا يعفي من هو على رأس المسؤولية من المتابعة والمساءلة والمراقبة والتحفيز والترغيب وتقييم السلوك.. ثم التصحيح ثم العقاب عندما يلزم.. وبالذات في الجهات التي يكثر تعاملها مع المواطنين. فأمانة المسؤولية أمانة أبت أن تحملها الأرض والجبال.. ليحملها ظلم وجهل الإنسان فيها.. وفي معانيها.. وفي حجمها.. بيد أنها ذات علاقة مع كرامة الإنسان.. وترتبط بالعدالة المنصوصة.. وتلتصق بالحقوق المحمية. لا يفوت يوم دون أن تسمع شاكيا لحال معاملته في دائرة أو في متجر.. أو في مركز... أو... أو... الموضوع ذو علاقة بالإيمان والتقوى.. ويرتبط بالأخلاق والفضيلة.. وأولئك الذين يتهربون من أصحاب الحاجة لمساعدتهم من خلال مسؤولياتهم.. سيلقونهم هناك.. فيما بعد.. أمام الله.. ليقفوهم فإنهم مسؤولون!. لذا قال سيدنا عمر بن الخطاب.. بما معناه.. لو أن شاة تعثرت في الفلاة.. لكان مسؤولا عنها.. وقال ليت أم عمر لم تلد عمر.. هذا حال الإحساس بالمسؤولية.. وهذا هم الضمير المتعامل مع الله.. وهذه الأخلاق الإسلامية.. التي تستقي من العدل مشربا لأضلعها. ثم ألسنا متفقين على حب الوطن.. وكل مايصب في مصلحة الوطن والمواطن؟.. إن العود للوطن أحمد..