في وقت نحتاج فيه إلى أعلى مستويات المسؤولية الاجتماعية والمجتمعية والوضوح والصراحة والالتزام بالشفافية عنواناً لكل ما نقوله ونقوم فيه للوصول إلى مستوى الفاعلية التي توفر لنا الاقتراب أكثر من العمل المؤثر في عملية الإصلاح والتطوير والتحديث، فهناك من يروج الكذب ويزيد الغموض وينشر الوشاية ويسعى لكل ما يثير ويستفز ويفرق، لا لشيء إلا لأنه منح منصبا وسلطة وهو لا يملك شعورا بالمسؤولية..! من الطبيعي أن تكون بعض القضايا لا تحتمل المجاملة، وطبيعي أيضاً أن الحقيقة التي لا خلاف حولها، أننا عندما نتحدث عن الشفافية فإننا نتحدث عن الإنسان الذي يملك القدرة على العطاء وعن الإنسان المحصن بالشعور بالمسؤولية؛ الإنسان الذي يفكر ويعمل بشفافية، وربما يكون الأمر الأكثر أهمية أن اكتساب الشفافية والتصرف على أساسها أمر ذاتي، وبالتالي يرتبط هذا الأمر بالثقافة العامة للشخص وببيئته الاجتماعية وبمستوى وعيه وتأهيله. وبالعودة إلى توصيف المنصب والمسؤولية فإن المنصب لا يمنح المسؤولية بل العكس هو الصحيح؛ يأخذها من الإنسان الذي يمتلكها ويسمح له فقط أن يمارسها من خلال الصلاحيات التي يمنحها له، وعندما يصل إلى السلطة شخص لا يحمل شعوراً بالمسؤولية فإنه لا يستطيع أن يأخذ من المنصب سوى السلطة، والسلطة دون مسؤولية هي الأساس في انتشار التسيب والفوضى وتدمير المؤسسات والفساد. الشفافية تعني الوضوح والوضوح يتطلب جرأة وشجاعة، ولذلك لابد أن يعتمد المرء على الحقائق لا الأقوال أو الظنون، وأن نعرف من يقف ضدنا لن يكن صادقا معنا، والصدق هنا يعني أن ينقل لنا الناقل الصورة كما هي بلا تزوير وتجميل وتزييف، وستكون الصورة أكثر مصداقية عندما لا يكون للناقل مصلحة شخصية في ذلك، وقد تكون بعض التقارير التجميلية تتعمد قلب الحقائق وتشويشها، كاستخدام الأساليب الملتوية واستثارة الآخرين بالمعاملة الاستفزازية أو غيرها من التصرفات غير النزيهة التي تشوه الحقائق وتشكك في النزاهة وتطعن في الشفافية، ومثل هذه الأساليب الرخيصة طبعا لا نجدها إلا عند ضعفاء النفوس من البشر، فهل يمكن أن نسموا بأنفسنا ونعزز سلطتنا ونتوج مناصبنا بالمسؤولية والشفافية، حتى لا نكون بوابة عبور للفساد أو وكلاء للفاسدين ونصبح في مناصب بلا مسؤولية؟!