تذكر الإعلامي حامد الغامدي أيام وليالي العيد في الباحة قديما، التي نشأ وترعرع فيها أثناء دراسته الأولى، مؤكدا أنها ليال وأيام جميلة خلدت في الذاكرة ولن يمحوها الزمن، وأن العيد في الماضي كان له نكهته الخاصة والمختلفة عن عيد اليوم رغم بساطته وعدم توفر تقنيات العصر الحديث في ذلك الوقت، الذي كان فيه أهل القرى يعتمدون على مندوب الإمارة الذي يصل للقرية على راحلته ويطلق النار في الهواء لإعلان العيد وبعدها أصبح أهالي القرى يشعلون النار في قمم الجبال ليكون وسيلة حديثة لأخبار جميع القرى المجاورة بليلة العيد. هل لك أن تذكر لنا أبرز الشخصيات المؤثرة في مسيرة حياتك بداية من مسقط رأسك مرورا بدراستك وانتهاء بسطوعك كأحد أبرز الإعلاميين في المملكة؟ هناك العديد من الشخصيات المؤثرة في حياتي بداية من والدي (رحمه الله) الذي كنت أتأمل مواقفه مع ضيوفه في منزلنا القديم بالقرية ومحاولته جاهدا في إصلاح ذات البين في العديد من القرى المجاورة ولا أنسى هنا الخال العزيز اللواء علي بن أحمد الغامدي الذي استفدت منه الكثير علما وثقافة وتأدبا مع الناس، إضافة إلى تأثري بعرفاء كافة قرى بني ظبيان ومشايخ القبائل في منطقة الباحة وعلى رأسهم الشيخ سعد بن عبدالله المليص مؤسس التعليم النظامي في منطقة الباحة، والدكتور سعيد عطية أبو عالي مدير جامعة الباحة الأهلية سابقا. ما العادات التي ما زلت تحرص عليها أيام العيد؟ أهم العادات التي أحرص عليها وأحاول أورثها لأبنائي بعد أن رباني عليها والدي (رحمه الله) هي زيارة الأقارب وصلة الرحم في أيام العيد، فهي من أهم مخرجات العيد السعيد وهي فرحة للجميع فرحة بالاجتماع وفرح باللقاء وفرحة بالمعايدة. هل أثرت التقنية الحديثة في روح التآلف بين أفراد المجتمع؟ بالطبع كانت المناسبات الاجتماعية في العقود الماضية أكثر قربا ودفئا من خلال زيارات الأقارب والحرص على الواجبات الاجتماعية، بيد أنها في الوقت الحالي أصبحت عبر رسائل الجوال والإيميلات، رسائل باردة تخلو من الدفء ومشاعر الود بين أفراد الأسرة. حامد والإعلام حدثنا عن بداياتك في الإعلام؟ طبعا بعد إنهاء دراستي في منطقة الباحة للمراحل التعليمية الثلاث الأساسية، انتقلت إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في منطقة الرياض التي تختلف بالطبع عن منطقة الباحة اختلافا كليا، ومن هنا بدأت رحلتي مع الإعلام ومن التلفزيون السعودي كمتعاون ثم انتقلت إلى العمل في التلفزيون السعودي كمقدم للبرامج والأخبار الرسمية ثم تدرجت في العمل الوظيفي في التلفزيون السعودي إلى أن أصبحت كبير المذيعين مع عدد من زملاء العمل الذي أفخر وأشرف أن عملت معهم في عصرهم الذهبي. هل لك أن تذكر لنا بعض زملاء دربك في الإعلام السعودي؟ زملاء درب الإعلام كثر، ومنهم غالب كامل، ماجد الشبل، عبدالرحمن يغمور، سليمان العيسى، عوني كنانة، سبأ باهبري، جميل سمان، محمد الشعلان، حسين نجار، محمد الرشيد، خالد اليوسف، محمد الصبحي، علي النجعي، عبدالله حمزة، منصور الخضيري. هيئة الاذاعة والتلفزيون كيف يرى حامد الغامدي مستقبل الإذاعة والتلفزيون بعد الهيئة؟ إن قرار مجلس الوزراء بتحويل النشاط التلفزيوني والإذاعي في وزارة الثقافة والإعلام إلى هيئة مستقلة يعطي الإعلام السعودي دفعة قوية للأمام ستسهم في نقله إلى مستويات أعلى من الاحترافية، حيث سيكون لهما كامل الصلاحيات بإنشاء مكاتب وفروع ومراكز ومحطات إرسال واستديوهات بث وإنتاج إذاعية وتلفزيونية وغيرها داخل المملكة وخارجها، كما سيكون لهما الاستقلال المادي والإداري الذي يمنحهما القدرة على تنفيذ المشاريع بمرونة كبيرة، وهذا لا يقلل الجهود السابقة من وزارة الثقافة والإعلام بل أن الخمسة عقود الماضية أفرزت نماذج إعلامية سعودية مشرفة حيث قادت الإعلام السعودي إلى منصات التتويج والاحترافية في الطرح والعرض. سباق المشاهدين سباق المشاهدين ماذا يعني لحامد الغامدي؟ سباق المشاهدين برنامج مسابقات عرفت من خلاله محبة الناس وشغفهم في شهر رمضان لبرنامج معلومات يحترم عقلياتهم وثقافتهم بحضور عدد من النجوم في مجالي الفن والرياضة والأدب، ولم يتحقق نجاح البرنامج في سنواته الطويلة إلا من خلال المشاهدين أنفسهم، حيث أطلق البرنامج باسمهم فلولا تفاعلهم واتصالاتهم لما ظهر البرنامج بالشكل اللائق وبالنجاح الملفت. هل سنرى سباق المشاهدين في العام المقبل؟ من المعلوم أن عودة سباق المشاهدين لهذا العام كان برغبة وطلب من هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهذا شرف كبير لأسرة البرنامج، وما قدماه هذا العام من دعم لهذا البرنامج إلا دليل على اقتناعهم به، ونحن على اتم الاستعداد في الأعوام المقبلة إلى تقديمه مرة أخرى بشيء من التطوير متى ما طلبت منا الهيئة ذلك، وبالمناسبة فإنني أشكر في هذا المقام معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة ونائبه الدكتور عبدالله الجاسر ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون عبدالرحمن الهزاع لدعمهم المباشر ومتابعتهم للبرنامج. ذكريات العيد حدثنا عن ذكريات العيد في مسقط رأسك بالباحة؟ ذكريات العيد في طفولتي لا تنسى، وكذلك في مرحلة الشباب والعنفوان، فكنا نقوم بإضرام النيران في ليلة العيد بعد أن توارثناها من الآباء والأجداد، حيث كانت الوسيلة الوحيدة في وقتهم للإعلام برؤية هلال شهر شوال أو حلول عيد الفطر المبارك، إنها مشاعر جميلة تحمل عبق التاريخ وعراقة الماضي الجميل، حيث التفاف الشباب والصبية ليلة العيد بفرحة عامرة تسبق فرحة صباح العيد، ونبقى نتسامر حتى قرابة الفجر ثم نذهب إلى منازلنا لنتهيأ لصباح العيد الذي له ذكريات أجمل وأروع حيث تنطلق المسيرات بعد أداء صلاة العيد مع الجماعة إلى كافة منازل القرية البعيدة والقريبة لتناول وجبات الإفطار والحلوى بكافة أشكالها وأنواعها، أنه زمن جميل زمن لن يعود بعد أن دخل عالمنا عالم التقنية بكل قوته فأصبحت فرحة العيد أشبه بالماضي. كيف يرى الإعلامي حامد الغامدي الفارق بين فرحة الأطفال في هذا الوقت بالعيد وفرحتهم قبل أكثر من 40 عاما؟ بالطبع هناك فرق كبير بين الجيلين، فاختلاف الزمان والمكان واختلاف الظروف المعيشية لها دور كبير في اختلاف الفرحة والشعور بالسعادة سواء كانت في ليلة العيد أو في صباحه، ولكني هنا أنوه بشيء مهم للغاية وهو أن أبناء هذا الجيل يدخل في عالمهم الصغير عالم التقنية ووسائل التواصل الاجتماعية التي أذابت فرحة الاستمتاع بالعيد، فأصبح يوم العيد معلوما لديهم عبر وسائل تواصل كثيرة على عكس الماضي الذي كان بمصدر واحد مما يزيد الفرحة والبهجة للأطفال احتفاء وطربا بليلة العيد، إضافة إلى أن أطفال الزمن الجميل كانوا في سياقهم الأخلاقي والتربوي أفضل بكثير، حيث كان الاحترام للكبير هو السمة الطاغية للأطفال آنذاك، كوننا نرى الآباء والأجداد قمما عالية نهابها ونعمل لها ألف حساب، عكس هذا الجيل الذي ذابت فيه العديد من الفوارق الاجتماعية بين الآباء والأبناء. كيف كانت مظاهر العيد في قريتكم «المردد» التابعة لقرى المقاضية ببني ظبيان؟ في القرية كانت مظاهر العيد تبدأ من ليلة العيد كما أسلفت بإشعال النيران والمسامرة حتى الصباح، وبعد أداء الصلاة نذهب للمعايدة في جميع بيوت القرية، ومن اليوم الأول للعيد تبدأ الولائم والمناسبات سواء على مستوى قريتنا الصغيرة أو قرى المقاضية بشكل عام، والأرحام والأقارب من كافة أبناء القبيلة، حيث كان الجدول معد مسبقا للمناسبات يعاد سنويا في عيدي الفطر والأضحى. العيد خارج الوطن بالطبع بحكم دراستك خارج المملكة وسفرياتك الإعلامية سبق لك أن قضيت العيد خارج أرض الوطن، حدثنا عن الفارق؟ نعم، قضيت أيام العيد في عدد من العواصم العالمية والعربية، إلا أن العيد دائما في بلدي مختلف بعاداته وتقاليديه وحميمية الأهل والأقارب والأصدقاء سواء كان في الرياض أو في الباحة أو في جزء غال من وطني الكبير، فالعيد هنا له نكهة وطابع خاص يميزه عن الأعياد في كافة دول العالم، فكل بلد له طقوسه وعاداته المنبثق من ثقافة وحضارة نفس البلد. هل تتذكر سفريات في مرحلة صباك؟ في فترة الصبا والشباب كنت أتنقل مع والدي بين الباحةومكة؛ حيث كان يعمل والدي (رحمه الله) في تجارة التمر والمكسرات في مكةالمكرمة، وكنت استمتع جدا برؤية المعتمرين وزوار بيت الله الحرام من كافة جنسيات العالم ما جعلني أتعرف على كثير من تلك الثقافات والتي أسهمت بالطبع في تشكيل شخصيتي، وهناك ملامح ومشاهد مازالت في ذاكرتي من تلك المرحلة الهامة في حياتي.