يمثل العيد لحظة فرح وابتهاج ومناسبة لحضور اجتماعي كبير، وفرصة لأن تُطل الثقافة من أبوابه المتعددة، وتشكل حضوراً كبيراً في تضاعيفه. وفي محاولة لرصد الرؤية الثقافية للعيد، وكيف تتجلى الهموم الثقافية والإعلامية والقرائية فيه وذلك من خلال عدد من الشعراء والإعلاميين والمثقفين الذين تحدثوا ل«الحياة» عن جدولهم اليومي في أيام العيد. في أيام العيد تتبدل الأوقات التي كانت مرتبة وفق طقوس شهر رمضان، وفي هذا الصدد يقول الشاعر إبراهيم الوافي «ما زلت أحرص كثيراً على تغيير كل شيء في برنامجي العادي، مثلاً أنا لا أقضي العيد إلا في قرية النشء برفقة إخوتي ووالدتي جميعاً. وهذه إحدى وصايا أبي رحمه الله التي التزمنا بها جميعاً، فضلا عن أن طقوس عيد القرية تتميز بالأصالة والاحتفال النفسي الخاص». في حين يؤكد الشاعر والإعلامي محمد عابس أن جدوله اليومي يتغيّر في فترة العيد «لا بد من التغيير،خصوصاً على صعيد العائلة والزيارات للأقارب والأهل والأصدقاء، والخروج إلى إحدى الاستراحات للاجتماع مع الأقارب، والالتقاء بالأصدقاء في المقاهي والفنادق». أما الكاتب والإعلامي والمشرف على موقع وكالة أخبار المجتمع السعودي هاني الظاهري فيصف التغيير في يومه في فترة العيد بأنه «ليس تغييراً فقط بل انقلاب شامل سببه الارتباطات الاجتماعية والعادات والتقاليد المرتبطة بهذه المناسبة، على رغم محاولتي الفكاك منها بالسفر أحياناً». يقول الشاعر والكاتب خالد قمّاش: «أخلقي لي عيداً حقيقياً، يتراقص في أعين الصغار، ويتشجّر في ملامح الكبار، وبعد ذلك نسأل كيف نقضي نهاره. أو كيف يقضي على مساءاتنا، لست سوداوياً ولا متشائماً بقدر ما أنا واقعي، لقد سلبت من العيد بهجته منذ سنوات بسبب مواتنا وتكلّس مشاعرنا ورتابة حياتنا. ما نقوم به هو تمثيل متقن على مسرح الحياة النمطية، لقد فقد العيد (حلاوته) مع أن الناس يتزاحمون لشراء (حلواه)! إننا نمارس تقاليد لا أكثر أحياناً مسايرة للمجتمع وأحياناً مجاملة لكبار السن والأطفال. حتى الأطفال فقدوا هذا الإحساس... تخيلي؟!». ويرتبط العيد عند إبراهيم الوافي بالمطر، إذ يقول: في كل عيد برغم تغيرات الفصول أنتظر المطر... فهو الطريقة الوحيدة التي تحمل احتفالاتنا بالعيد لأحبتنا الأموات»، أما عن المواقف العالقة في ذهن محمد عابس، فيشير إلى أنه «لا يوجد موقف معين، إذ إنني أكلف بالعمل في العيد سواء عند ما كنت في الإذاعة أو في الإعلام الداخلي أو الآن في الشؤون الثقافية، ولكن الأسرة تحصل على مزيد من الوقت والاهتمام الذي يكون قليلاً في الأيام العادية، وأبرز المواقف تمثل في كتابتي لسيناريو وحوار الجنادرية 20 وسيناريو وحوار احتفالات عيد الرياض لعامي 1427 و1428 وكتابتي لأوبريت الوطن الأم الذي نفذ في القصيم عام 1429». وبالنسبة لهاني الظاهري فإن هناك عديداً من الذكريات لا تزال عالقة في ذاكرته «هي مناسبة ترتبط بكثير من الذكريات والمواقف بعضها جميل وبعضها يحمل الألم في طياته ومن هذه الأخيرة وفاة والدي رحمه الله ثاني أيام العيد العام 2004 والتي شكلت تحولاً كبيراً في حياتي وجعلتني «أشيخ» فجأة رغم محاولاتي المستميتة لإخفاء ذلك». ويتذكر خالد قمّاش أعياداً قضاها خارج الوطن في مصر والشام، ويقول: «ليست هناك مواقف معينة بالعيد ولكن أتذكر عيداً رائعاً قضيته في بلاد الشام وآخر في مصر، كان عيداً حقيقياً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، إذ الشوارع حافلة بالناس والخيول والمهرجانات المتنقلة والموسيقى الفارهة، أمم تعيش العيد بكل تفاصيله الباذخة الجمال».