كغيرهم من العيون الساهرة، يتعايشون مع الظلام ويعبرون الجبال الوعرة ليل نهار استبسالا ودفاعا عن الوطن، يتصدون لأي دخيل يحاول أن يمس أمن هذه البلاد، إنهم سد منيع على الحدود يقدمون أنفسهم رخيصة ليبقى الوطن واحة آمنة. إنهم رجال حرس الحدود في ظهران الجنوب.. في كل يوم يحزمون حقائبهم ويجوبون قمم الجبال والطرق الوعرة والخطرة في اتجاه الشريط الحدودي، لضبط أي مهرب للسلاح أو المخدرات أو متسلل. «عكاظ» تجولت مع رجال الحرس على الحدود، وفيما كانت لحظة الانطلاق أشبه بانطلاقة رجال الدفاع المدني للحاق بحدث ما، سألت مرافقي «هل هناك شيء يستوجب السرعة في الانطلاقة على هذا النحو»، فكان الرد بالتأكيد على أن هذا المشهد يتكرر يوميا وهو يعني أن «الأشاوس» جاهزون للرد على الدخلاء في أي وقت، كما يعني أنهم مستعدون وبكامل الجاهزية ولا يفرقون بين أيام السنة أو أيام العيد، ويبدأون رحلة الصعود، فمن يعرف تلك الجبال جيدا ينتابه الموت كل لحظة، فهي صماء لا تتحدث مع أحد، هؤلاء الأشاوس يجوبونها ليل نهار، ويتعايشون مع الظلام للدفاع عن حمى الوطن، يقفون بالمرصاد أمام كل من تسول له نفسه المساس بأمن هذه البلاد. العميد سعيد محمد المهجري قائد قطاع حرس الحدود بظهران الجنوب، الذي يرافق حماة الوطن في أغلب رحلاتهم للصعود لقمة الجبال قال «طمع الدخلاء على هذه البلاد شخصي، إلا أن طمع الأشاوس هو محبة كل الوطن وحمايته من كل شر، وفي أثناء الجولة يكون هناك توقف كل لحظة على أنوار خفيفة ليلا تشير إلى أن ثمة آثار غرباء في الأودية والجبال وقد يتكرر ذلك كثيرا، ولا يكون هناك وقت للجدال بين الأخذ والرد، فقد تتم إشارة الانحناء والانبطاح أرضا، فيستسلم الجميع للأوامر، ويبدو التأهب ظاهرا، فقد يوجد مهرب أو متسلل، ويجب على الجميع الحذر فقد تتناثر الأعيرة النارية في أية لحظة، وعلى رجال حرس الحدود توخي الحذر، ولعل السرعة التي يتم بها تبادل الرموز بينهم هي التي تعين على تغلب الأمر، لأنه لا مجال للخطأ، خاصة أن المتربصين يستغلون نصف الثانية للانقضاض على حماة الوطن، وهو ذات التوقيت الذي يحمي الوطن من الغرباء». من جهته أكد الناطق الإعلامي لحرس الحدود بمنطقة عسير العميد عبدالله أحمد الحرماني أن رجال الحرس تزيد همتهم خلال شهر رمضان وأيام الأعياد، وذلك لوجود الكثير من المتسللين وبعضهم قد ينفذون عمليات تهريب وآخرون هدفهم البحث عن لقمة العيش، وقال «هناك تقنيات حديثة وتكنولوجيا حاضرة تساعد في رصد مثل تلك الفئات، إضافة لعامل الخبرة»، مضيفا «نشكر حكومتنا الرشيدة لمتابعتها لنا بشكل مستمر واطمئنانها علينا ودعمها لنا بأجهزة مطورة وكاميرات حرارية دقيقة كلفت ملايين الريالات تساعدنا ليلا ونهارا». وزاد «إن رجال حرس الحدود يتشرفون بمسؤوليتهم الجسيمة في حماية الوطن والدين، ويدركون أنهم شهداء واجب لو ماتوا في أية مواجهة في الحدود»، مشيرا إلى أن هناك شهداء تعرضوا لإطلاق نار من غادرين خلال السنوات الماضية وقدم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية ومدير عام حرس الحدود الفريق زميم السواط العزاء والمواساة لذويهم.