يعاني المسلمون في أكثر من 30 دولة بالعالم من مشكلة تحديد وقتي صلاة العشاء والفجر خلال فترة فصل الصيف الذي يطول فيه النهار ويقصر الليل، بسبب وقوعها فوق (درجة عرض 50) شمالا وجنوبا من خط الاستواء، ويطول فيه وقت الإمساك في رمضان متراوحا في بعض هذه الدول من 18 إلى 22 ساعة في اليوم. ونتيجة لطبيعة اختلاف المواقع الجغرافية لهذه الدول وقع المسلمون في حرج ومشقة واجتهادات متفاوتة في تحديد وقت دخول الوقت الشرعي لصلاتي العشاء والفجر، بحسب قول عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن المسند. وقال المسند «إن الدول التي تعاني من هذه المشكلة هي: بولندا، السويد، الدنمارك، بريطانيا، النرويج، التشيك، بلجيكا، ألمانيا، سلوفاكيا، أيسلندا، روسيا البيضاء، روسيا، إيرلندا، هولندا، لتوانيا، لاتفيا، فنلندا، استونيا، شمال منغوليا، أقصى شمال الصين، كندا، أقصى شمال أمريكا، الآسكا، جنوب الأرجنتين وجنوب شيلي». يأتي ذلك فيما تتشارك 13 دولة بالعالم «تقريبًا» في موعد وقت الإفطار خلال شهر رمضان، بسبب وقوعها على خط الاستواء الذي يحيط بمنتصف الأرض أفقيا بين قطبيها الشمالي والجنوبي بمسافة تتجاوز أكثر من 40 ألف كيلومتر تقريبا وهي: الغابون، جمهورية الكونغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، أوغندا، كينيا، الصومال، إندونيسيا، الاكوادور، البرازيل، كولومبيا، ساو تومي، برينسيبي، المالديف وكيريباتي. وأجرى الدكتور المسند الباحث في علوم الفلك، دراسة حول «مشكلة تحديد وقتي العشاء والفجر في المناطق الجغرافية التي تقع فوق درجة عرض خمسين شمال وجنوب» مرجعا السبب في ذلك إلى اتصال شفق الغروب بشفق الشروق واتصال وقتي المغرب بالفجر، وانعدام العلامة الفلكية التي حددها الدين الإسلامي لدخول وقت العشاء والفجر. وخلصت الدراسة إلى أهمية الاعتماد على العلامة الشرعية الفلكية عند تحديد المواقيت والصوم، والمتمثلة بغروب الشفق الأحمر طالما كان الشفق يغرب في أي وقت من الليل التزاما بالنص الشرعي، محذرة من الاجتهاد في تقدير وقت الصلاة بداية ونهاية في ظل وجود المنهج الشرعي الذي أخبر عنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تحديد مواقيتها. وبين المسند أن مشكلة تحديد وقتي العشاء والفجر تبدأ كل عام من يوم 19 يونيو حتى 21 يونيو أي ثلاثة أيام فقط، وكلما تم الاتجاه نحو الشمال أكثر زادت الفترة الزمنية اتساعا، فمثلا عند خط عرض 49 شمالا: الشفق الأحمر لا يغرب تحت 18 درجة من يوم 10 يونيو حتى 2 يوليو، ولفترة زمنية طولها 23 يوما، بينما عند خط عرض 50 شمالا: الشفق لا يغرب تحت 18 درجة من 31 مايو حتى 11 يوليو، ولفترة زمنية طولها 42 يوما. من جهته أوضح رئيس الرابطة الإسلامية في الدنمارك عضو مجمع فقهاء الشريعة البروفيسور محمد فؤاد البرازي، أن المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، درس مسألة المواقيت في هذه الدول، مضيفا أن المنطقة الأولى تقع ما بين خطي عرض 45 درجة و48 درجة شمالا وجنوبا، وتتميز فيها العلامات الظاهرية للأوقات في 24 ساعة سواء طالت الأوقات أو قصرت، بينما الثانية ما بين خطي عرض 48 درجة إلى 66 درجة شمالا وجنوبا وتنعدم فيها بعض العلامات الفلكية للأوقات في السنة، وتمتد حتى نهاية وقت المغرب حتى يتداخل مع الفجر، أما المنطقة الثالثة فتقع فوق خط عرض 66 درجة شمالا وجنوبا إلى القطبين، وتنعدم فيها العلامات الظاهرية للأوقات في فترة طويلة من السنة نهارا أو ليلا، وفقا للبروفيسور البرازي. وزاد «إن المجمع الفقهي أوضح الحكم الشرعي في تحديد أوقات الصلاة والإمساك في هذه المناطق التي تقع فيها الدول محل الاختلاف في وقتي الصلاة والإمساك»، مؤكدا أهمية أن يلتزم أهلها بالصلاة في أوقاتها الشرعية المحددة، وفي الصوم من ظهور الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ومن عجز عن صيام يوم أو اتمام اليوم لطول الوقت، فإنه يفطر ويقضي في الأيام المناسبة، وفقا لقول الشريعة السمحاء. ونقلا عن وكيل الرئيس العام لرئاسة الأرصاد وحماية البيئة لشؤون الأرصاد الدكتور أيمن بن سالم غلام، فإن المملكة بعيدة عن خط الاستواء، لكنها تقع ضمن الحزام شبه المداري الذي يؤثر بقدرة الله تعالى على أجواء المناخ فيها هذه الأيام، من رياح جنوبية غربية دافئة ورطبة من جنوب المملكة وبحر العرب، ويصل تأثيرها حتى المرتفعات الجنوبية الغربية.