إن في أعمال اعتدال عطيوي وإبداعاتها التي تسنت لي فرصة مشاهدتها ما يمكن تسميته بإنسانية اللون فهي وبحق مزيج من السحرية الأخاذة التي تجمع بين شعرية اللون ودهشة التعبير عن كوامن النفس البشرية، إذ تجيد الغوص في أعماق الإنسان وتبعث من رماد الخيبة فينيق ضوء يرفرف في سماء الأمل وبمجرد النظر الثاقب لما ترسمه ستجد نفسك محاطا بحشد من الأسئلة العميقة لفلسفة الحياة بكل تناقضاتها وتجد إجابات متفرقة في اللوحة ذاتها التي ملأت عقلك بالأسئلة لتؤمن إنها وحدة من التشكيليين القادرين على إنطاق اللون وتحميله بعدا عميقا يبحر بك إلى أقاصي الدهشة الصامتة. وكأنها تعيد تشكيل قوس قزح بل لعلها استطاعت تثبيت ملامحه بدلالات متعددة في كل عمل فني لها. فحين تغوص معها في محيطات اللون تشعر بنهم الإنسان الأول الذي يكتشف الأشياء ليضع لها مسميات تعبر عن شغفه بها وفي كل مرة يبتكر لها اسما جديدا، فليس من السهل محاولة ترتيب أبجدية اللون المشحون بالتداخلات الوجدانية والفنية والعبقرية معا. إنها بحق فلسفة اعتدال اللون بين الخيال والواقع والريشة السحرية التي تمكنت من الإمساك بشعرة الوسط التي لم يتسن الإمساك بها إلا لنفر قليل من عباقرة الفن الكبار في الوطن العربي الذين لم ينصفوا كما ينبغي. ولعل المهتم بالفن التشكيلي والمتابع لإبداعات هذه الفنانة يلمس ذلك من خلال إطلاق العنان لروحه الحالمة لتحلق في فضاءات اللون والفكرة المكثفة والموحية فيجد في كل لوحة مرآة لما يختلج في وجدانه من خلال كل حركة للفرشاة التي تجيد ترجمة المشاعر والأحاسيس الأكثر تعقيدا وتعصيا ربما على اللغة وأي وسيلة من وسائل التعبير. ولعلي أجد نفسي بعد كتابة هذه السطور عاجزا عن الإبحار في عوالم هذه القامة الفنية السامقة بصورة تجعلني محافظا على حيوية اللغة كما يليق بهذه الفنانة الكبيرة ونتاجها الإبداعي الذي يربو عن المئة لوحة فنية. أتمنى أن تقام لها المعارض الدورية والدائمة ليستمتع عشاق الفن بكل ما تختزنه من الجمال.