ليس بعيدا عن طقوس الإبداع التشكيلي بدأت رحلة الفنان السعودي الكبير عبدالله نواوي حيث طافت مرادفاته الفنية بين سحر الشرق المجبول بالحداثة الشكلية حتى بدت لوحاته بمنحنياتها واختصاراتها الفنية أقرب لكونها مساحات من خلق لوني يزهو بطيف تعبيري، وتقافزت ألوانه على أسس بنيوية من تراكم خبرات جمعت بين الواقع والخيال السحري المنسوج من دلالات حديثة اغترف الفنان التماساتها من ملامح حياتية تظهر رموزها متسللة بعمق إلى وجوه لوحاته حتى تكاد تلامس بطيفها اللوني فضاء من الصخب الإبداعي. فقد تمكن الفنان النواوي المولود بمكة المكرمة 1366 والحاصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من أمريكا من تقديم مستوى فني استطاع أن يصل به إلى أعلى المستويات صقله عبر موهبته بزخم من خبرات فنية اقتطفها حتى أثرى الساحة التشكيلية السعودية بكم من الأعمال التي مزجت مخزونه الصوري المستوحى من تراث سعودي مع خطوط عالمية ليصنع أسلوبا فنيا خاصا حيث تغزو أعماله خامات بسيطة لكنها توظف عبر عمق تشكيلي لاستخراج زخم إبداعي لا تحده حدود اللوحة وإنما ينتقل عبر تلك الخامات المأخوذة من الطبيعة إلى احتمالات لونية وفلسفة تشكيلية تعانق فيها البساطة الإدهاش الفني عاكسا عبر أعماله قدرته الاحترافية التي تعج بالجمال الفني وبشفافية الطرح. لوحاته تحمل اختصارا للإبداع، ولطالما قدمت فرصا ملونة من التفرد في المجال التشكيلي دون وقوفها عند حدود السطحية بل هي تواكب أفق الفن التشكيلي الحديث بمعانيه ومجازاته المختلفة دون الانسياق التام إلى ضبابية التجريد البحت المنزوع من جوانبه الإنسانية وصفاته الحياتية. فمشوار الفنان النواوي الطويل والممتد عبر نتاج فني وإشراف أكاديمي جعلت منه نموذجا للتشكيلي المعطاء في الساحة السعودية، كما قاد بأفكاره ونظرته الفنية طموحات تشكيلية أثبتت جدارتها على الساحة المحلية إذ عرف عن الفنان دعمه واهتمامه بالفن والفنانين إلى جانب بصمته الخاصة في معارض ومشاريع مختلفة. أما مسيرة الفنان النواوي فقد طالت الكثير من المناصب حيث عمل الفنان عبدالله نواوي رئيس شعبة التربية الفنية بالنشاط الطلابي بإدارة التعليم بالمنطقة الغربية، وممثلا دائما للمملكة في اتحاد الفنانين العرب من عام 1402 1410، كما حصل على عضوية الفنانين التشكيليين بولاية أنديانا بأمريكا، ومثل بلاده في مؤتمر الفنانين العالميين بفنلدا «هلسنكي» بصفته مراقبا، في حين طافت أعماله معارض عدة توزعت في بلدان عربية وعالمية ولم تخل جعبته الفنية من جوائز وشهادات تقديرية نالها الفنان تكريما لإنجازاته الفنية وتقديرا لإبداعه التشكيلي.