مصنع نحاتة الخشب في شارع المنصور في مكة واصل صموده برغم الإزالة التي طالت الحي بأكمله على خلفية التطوير الذي تشهده العاصمة المقدسة. ويعود تاريخ المصنع إلى قبل 50 عاما حيث اتخذه عدد من الحرفيين من الجنسية الأفريقية منطلقا لنشاطهم من (حوش بكر) في صناعة الأواني الخشبية مثل الأقداح و المهاريس الخشبية التي تستخدم في المناحل والمطاعم ومحال بيع اللحوم. حيث يتبارى الحرفيون في إبراز مواهبهم في فن النحت على الخشب وتشكيله في صور بديعة أكسبتهم شهرة واسعة تعدت نطاق مكة لتصل إلى جدةوالطائف. وتعد منتجات الورشة مصدر جذب للعملاء خاصة من النحالين الذين يقصدون الورشة لصناعة خلايا النحل؛ علاوة على ملاك المطابخ الشعبية والقصابين الذين يؤمنون الأخشاب للورشة بهدف تجهيزها وفق رغبتهم وتصورهم. شهرة حوش النحاتين يعود تاريخ تأسيس الورشة على يد آدم محمد الذي اشتهر بحرفة نحت الأخشاب وصناعة الأواني المنزلية والذي حال بلوغه الثامنة عشرة شرع في البحث عن مصدر رزق والاستقرار في مكة، وكان الخيار تأسيس ورشة خاصة لمزاولة الحرف، وبمرور الوقت نجح مع صهره في بناء قاعدة عريضة وشهرة واسعة جلبت لهما الزبائن من مختلف مناطق مكةالمكرمة، ما شجع آدم على إحياء الحرفة بنقل أبجديات الصنعة إلى الأبناء والأحفاد والأقارب قبل وفاته حتى بات عدد الحرفيين في الورشة في وقتنا الحاضر أكثر من 45 نحاتا من عائلة واحدة توارثت الصنعة جيلا بعد آخر وعلى مر السنين، في نفس الموقع المتاخم ل(حوش بكر) الذي حمل اسمهم وأطلق عليه أهل مكة (حوش النحاتين الشهير) وبعد وفاة مؤسس الورشة قبل 15 عاما واصل صهره تولي مسؤولية إدارة الورشة وتعليم الأبناء على فن ومهارة أعمال النحت. ويجمع عدد من مربي النحل على مهارة الحرفيين واعتبروهم الأفضل في فنون نحت الخشب على الإطلاق، خصوصا في صناعة خلايا النحل وبعض الأعمال الخشبية التي أشادوا بها. 50 عاما من الإبداع عمر الزهراني وجابر الشهري قالا إنهم يتعاملون مع هؤلاء الحرفيين منذ مدة طويلة، وأضافوا إنهم يملكون عددا من المناحل في الطائف، ونظرا للشهرة الواسعة لهؤلاء النحاتين أصبحنا زبائن دائمين. إلى ذلك ذكر ل«عكاظ» محمد ابن النحات حامد أحمد، أن عمر الورشة قد تجاوز أكثر من 52 عاما تقريبا، وما زالت تعمل بجودة عالية، وأضاف: توارثنا حرفية المهنة عن الآباء وننفذ كافة الأشغال الخشبية بإتقان عال، وزاد: «شكلنا مع الأقارب الذين تعلموا المهنة أسرة واحدة ونعمل على تشغيل الورشة عبر عقود من الزمن بعد أن توفي المؤسس الأول لها قبل 15 عاما، وتولى أبي المسؤولية». وقال الإزالة لم تعوق سير العمل في المصنع، مبينا أن المكان الذي اتخذوه مصنعا لهم هو عبارة عن مساحة فارغة داخل أروقة شارع المنصور قاموا بوضع عدتهم فيها والبدء في نحت الأخشاب منذ 50 عاما.