كان المواطنون في القدم يعتمدون على سواعدهم في الزراعة والصناعة والرعي، وفي كسب أرزاقهم بشتى الطرق، فكان الأهالي في القرى والمدن هم البناؤون والنجارون والنحاتون والتجار والصناع وحتى الأطباء الشعبيون.. أما اليوم وفي ظل المتغيرات التي طرأت على المجتمع، تخلى الجميع عن صنعتهم، وتخلوا عن حرفتهم، حتى باتت منتجاتهم القديمة مجرد تراث مهجور، تحول إلى أدوات للزينة والديكور، أو مصدر لاستلهام الماضي لعشاق القدم. أما الاكثر غرابة هي أن العمالة والجاليات المقيمة أصبحوا من يعملون في تلك المهن والحرف، بما في ذلك صناعة التراث. حوش بكر في مكةالمكرمة ينتشر أبناء الجاليات الافريقية عند إشارات المرور يعرضون أوانٍ خشبية كانت في السابق صناعة محلية بأيدي المواطنين، وكانت هناك مواقع كحوش بكر تصنع هذه الأدوات ومازالت. ومن أجل التعرف على تلك الصناعات اليدوية عن كثب، دخلنا الى حوش بكر لنرى ما تبقى منها، وماذا تغير فيها.. حيث أول ما يجذب الانتباه في الحوش وجود ورشة لصناعة الأواني الخشبية بمختلف أنواعها على أيدي حرفيين من الجنسية الإفريقية، حيث يعملون في هذه المهنة منذ ما يقرب من 60 عاما، وهم اشبه بفنانين ينحتون في تجسيد أشكال جمالية من «المهاريس» الخشبية والأقداح وغيرها من المنحوتات الخشبية القديمة، ويحرصون فيها على ابراز ابداعاتهم في نحت الخشب وزخرفته، في اجزاء متفرقة من الحوش بلا تنظيم، كما يستخدمون ادوات تقليدية قديمة. آدم أبو النحاتين يقول محمد ساني أحد الناحتين بأن المتداول ما بينهم أن تاريخ هذه الورشة يقارب 60 عاما، حيث قام بتأسيسها شخص يدعى آدم، حيث قدم إلى المملكة لأداء فريضة الحج، حيث كان يشتهر في بلده بصناعة مثل هذه الأواني الخشبية، وعندما استقر به المطاف في مكة قام بإنشاء ورشة صغيرة عبارة عن محل من «الصندقة» ليقوم بنحت الخشب وبيع منتجاته، ومع مرور الوقت بدأت الورشة في الكبر نتيجة توجه العديد من الحرفيين من بني جلدته لتعلم النحت، وأصبح أعداد الراغبين في العمل في ازدياد مما ساهم في استمرار المنحوتات حتى وقتنا الحاضر. ويضيف أحمد بكر أحد النحاتين بأن هذا العمل بات مصدر رزقهم وأسرهم، حيث يحرصون على نحت العديد من الأشكال من الأواني الخشبية التي تشهد اقبالا كبيرا عليها من قبل الزبائن الذي يحرصون على اقتنائها.