يضطر المسلم المقيم في الغرب سواء كان طالبا للعلم أو مهاجرا بغرض العمل أو زائرا بغرض السياحة أو أيا كانت الأسباب أن يخضع لقوانين الغرب في الكثير من الأمور، ولا يستطيع أن يسير عكس هذه القوانين، ومن ضمن الأشياء التي يتعرض لها باستمرار هي التعامل مع البنوك وضرورة حمل واستخدام بطاقات الائتمان، وذلك بسبب الاشتراطات التي تفرضها العديد من الجهات مثل الفنادق وعند شراء بعض المقتضيات، وبالتالي نحن أمام فقه الواقع، ولا نستطيع أن نقول لمن يقيم في الغرب أن يتجنب التعامل مع البنوك التي تتعامل مع الفوائد أو عدم الخضوع لقوانينها، ونحن عندما نكون في الغرب فإننا مضطرون للخضوع لهذه القوانين. وفي مسألة التعامل مع الفوائد الربحية في البنوك، فإن بعض العلماء أفتوا بأن هذه الفوائد ليست فوائد ربوية أو على النسق الذي كان عليه العرب في الجاهلية ثم حرمها الإسلام، وبعض العلماء يرى بأن هذه البنوك عبارة عن مؤسسات تجارية كبيرة تأخذ هذه الأموال وتتاجر بها وتربح ومن ثم تعطي الفوائد من هذه الأرباح التي جنتها، وقد أفتى شيخ الأزهر السابق الدكتور علي جمعة بإباحة أخذ الفوائد على الأموال المستثمرة في البنوك باعتبار أنها معاملات مستحدثة حيث بين أن تحديد نسبة مستحقة مقدما من الأرباح على الأموال المودعة في البنوك بغرض الاستثمار جائز لأن الواقع النقدي قد تغير، ولذلك له نظرة في هذا الموضوع بأن هذه الأموال تعتبر أرباحا تجارية توزعت بشكل محدد، هكذا كانت وجهة نظر شيخ الأزهر السابق، ولكن عارضه بعض العلماء وبقي الجدل في هذه المسألة قائما بين الفقهاء. وبالرغم من أن هذه القضية مازالت خلافية، إلا أن هناك حلولا وسطية تكون مقبولة عند جمهور العلماء، ولكن للتخلص من الشك في هذه القضية، فإن الجائز عند كثير من العلماء هو أن نأخذ هذه الأموال ونصرفها فيما ينفع المسلمين، مثل مساعدة الفقراء والأيتام والمساكين والأعمال الخيرية، ليس على أساس أنها زكاة أو صدقة، ولكن على أساس التخلص من هذه الأموال في إطار مساعدة الآخرين بدلا من تركها تعود إلى البنوك أو إتلافها. ولكن يجب أن نقول بأن التعامل مع البنوك أصبح أمرا أساسيا في حياتنا، وبات من الصعب أن يضع أي شخص أو تاجر أمواله بعيدا عن البنوك أو عدم التعامل معها وإلا عرض نفسه للمخاطر والسرقة، وكل الدول الآن تتعامل مع البنوك ورواتبنا نأخذها من هذه البنوك وكل ما يتعلق بالمال في هذه الدنيا.