كان اجتماع مجلس الأمن الوطني خبرا ملفتا لكل المواطنين إذ يمثل لدى الكثيرين سابقة لم تحدث في أوج ثورات الربيع العربي، وكان التساؤل: ما الذي يحدث حتى تسارع القيادة العليا بالدعوة لاجتماع مجلس الأمن الوطني.؟ فارتفعت نسب التكهنات في محاولة لاستحضار سيناريوهات تحاول التعمق فيما يحمله الخبر خاصة وأن صدوره تزامن مع أحداث خارجية قد يكون أهمها ما يحدث في العراق، ووصول وزير خارجية أمريكا للمنطقة، وتخصيص زيارة للمملكة. وكل منا قرأ الخبر وتابع نتائجه وبالضرورة أنه وصل إلى فحوى الخبر بأنه يحمل استشعار الدولة بالمخاطر التي تحيط بنا وهي أخطار حقيقية تستهدف أمن البلاد، وزعزعة استقرارها، فما حدث في كل الدول العربية وما زال يحدث يشير إلى إحلال الفوضى في كل دول عالمنا العربي (أو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايز بالفوضى الخلاقة) وهي سياسة لا تعتمد على جلب الفوضى من الخارج ولكن بعثها من الداخل ثم دعمها وتمويلها خارجيا ماديا وسياسيا لخلق أعاصير بين أفراد الشعب الواحد كي يقتل الأخ أخاه.. ونماذج تطبيق هذه السياسة حدثت في العراق وسورية وليبيا ومصر واليمن وقبلهم في فلسطين والسودان . وفي مواقع التواصل الاجتماعي تحركت خفافيش الظلام لتوزيع فوضاها وأمانيها بتقويض أمن البلد وإشاعة أن حركة (داعش) تقف على بعد ستين كيلو من حدودنا الشمالية، وهي إشاعة روجها المرجفون وسعوا لبذرها بين الناس كأمنية دفينة لجذب الفوضى إلى بلادنا . وإن كان اجتماع المجلس الوطني مثل رسالة للخارج كما تشير المادة الثالثة المظهرة لاختصاصاته والواجبات المناطة به من خلال «دراسة وتقويم الأحداث والتطورات والظواهر المهمة، السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية، والاجتماعية الواقعة في الدول الأخرى، مما له تأثير مباشر على أمن المملكة ومصالحها». إلا أن الرسالة المرفقة بخبر اجتماع مجلس الأمن الوطني موجهه للداخل، وهي رسالة تحذيرية لمن يعيش بين ظهرانينا من (دواعش) وإخوان وحركات وجماعات إسلامية تنتظر اللحظة لتهييج الشارع أو أنها تعمل لخلق تلك اللحظة. ولأننا نشاهد ما يحدث في كثير من البلدان العربية من فوضى واستهداف لمقدرات البلدان نصبح شركاء في محاربة دواعش الداخل، وكل أطياف الحركات الباحثة عن إقرار الفوضى الداخلية. فالوطن ومكتسباته أمانة في عنق كل منا إذ أن الواقع المحيط بنا يقدم لنا درسا حقيقيا ومختصره إما استقرار ووحدة وإما فوضى ودمار شامل.