دكة الحي.. جلسة الأهالي للشورى والتفاهم ومنظومة اجتماعية لا غنى عنها لتعدد وظائفها، تراها أحيانا عنوان الحي ومرة محكمة لحل النزاع بين الخصوم من الأهالي، وتارة تكون مكانا لإصلاح ذات البين وأخرى كمجلس لمناقشة القضايا الاجتماعية. ظلت الدكة محافظة على خصوصيتها وطعمها برغم تسارع وتيرة الحياة ونقلاتها. تل ترابي وحصير يقول معتوق العبدالله الرجل الذي دخل في العقد الثامن من عمره، بأنه مداوم على الجلوس في دكة الحي يوميا للالتقاء بالأصدقاء وسكان الحي، ولا يستطيع أن يترك الدكة يوما (إذا فاتني الجلوس في العصر لا أفوت الجلوس في الليل). يتذكر معتوق ويقول إنه في السابق كانت الدكة عبارة عن مرتفع ترابي أوسع وأكبر من الجلسة الحالية، وكنا نحضر «الحصير» المصنوع من خوص النخيل ونفرش المكان ونجلس عليه، أما الآن فمساحة الجلسة أصغر من السابق وبعض شباب الحي بادروا بتأثيثها بكنبات حديثة. الليل والشباب يضيف من جانبه، علي الصالح ليقول إن الدكة والتي تغير مسماها إلى (الجلسة) لها أغراض اجتماعية متعددة، فقد شهدت عدة أحداث اجتماعية تتعلق بالبلدة وأهلها وتجد في الحي أكثر من جلسة، يجتمع فيها الأحباب ويتم من خلالها تبادل الأخبار والإعلان عن المناسبات مثل الأفراح والوفيات والمنومين في المستشفيات، وكل نشاط أو حدث اجتماعي يتم طرحه في الجلسة. وفي الماضي وقبل دخول الكهرباء، كانت الجلسة تنعقد على فترتين بعد صلاة العصر عندما تنخفض حرارة الجو، وأخرى في الليل بعد صلاة العشاء، أما الآن فإن كبار السن لا يجتمعون إلا في العصر وعددهم أقل مما كان عليه في السابق، وفي الليل تكون مخصصة للشباب. أخبار القروض خليفة الرمضان في العقد السابع من عمره، يقول إن (الدكة) أو الجلسة ظلت المتنفس الوحيد لهم بعد يوم العمل الشاق، ويتابع: نلجأ إليها هربا من جدران المنزل التي تحاصرنا، فالجلوس على الدكة يشرح النفس كونك تشاهد مباشرة الأحداث من حولك مثل الناس والسيارات، وفي الجلسة تستمع لأخبار البلدة والحي مباشرة كما نسمع فيها الأخبار الرسمية مثل قرار زيادة قروض بنك التسليف والأوراق المطلوبة وغيرها من الأخبار، كما أن الجلسة ترشد الجالسين إلى الخطوات المتبعة والمطلوبة لإنجاز المعاملات الحكومية.