أسررت إلى المثقف الصديق الدكتور أحمد آل مريع رئيس نادي أبها الأدبي بأن منطقة عسير محظوظة برجلين يدعمان الثقافة تعاقبا على تولي إمارتها، استوعبا وفهما بحسهما حجم الطاقة الإبداعية والثقافية التي تفيض بهما المنطقة من أساتذة وشباب أكفاء، كان ذلك الحوار ونحن نحضر عرضا ناجحا ومميزا لحفل جائزة أبها للتفوق العلمي والثقافي والحضاري الذي أقيم في قرية المفتاحة تحت رعاية أميرها المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد، وبحضور الشخصية المكرمة لهذا العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والآثار . وقد نجحت أمانة الجائزة في خروج الحفل بطريقة منظمة ومبهرة للحضور كما نجحت في اختيار موضوع الندوة القيمة التي أقيمت على هامش فعاليات (جائزة أبها) بالتعاون مع النادي الثقافي تحت عنوان (الجوائز الأدبية) التي تشعب الحديث فيها عن أنواع الجوائز الثقافية عامة، وما ارتبط بها من معايير وقيم وتطورات، وقد أحسن المتحدثون في الندوة من خلال طرح رؤاهم فبعد أن قدم رئيس الجلسة د. أحمد آل مريع للمنتدين الثلاثة د. عثمان الصيني، والأستاذ حمد القاضي، والدكتور عبدالله السلمي استعرضوا مسيرة الجوائز في المملكة بصورة شاملة، ثم شخصوا مواضع العلل والعقبات التي اعترضت طريق الجوائز الثقافية التي تشرف عليها الأندية الأدبية . غير أن اللافت أن الجوائز التشجيعية والتقييمية تتوافق مع المصطلح بينما لا يمكن مناسبة استخدام مصطلح (جائزة) لتكريم وتقدير مثقفين ومبدعين لهم مكانتهم وتاريخهم فليس من المقبول أن يدخل هؤلاء في سباق للحصول على جائزة ثقافية إذ يوحي مسمى (جائزة) ومصطلح (الفوز) بدخولهم في منافسة حتى وإن كان من المتعارف عليه كما ذكر أمين جائزة أبها الدكتور القدير حسن الشوكاني في تعقيبه على مداخلتي إلا أنني أرى اختيار مسمى يحمل التقدير لمبدعي الوطن، ويوثق لمنجزهم الوطني مع التبكير في التكريم والتقدير، وليس انتظار خبر وفاة أحدهم لتسارع الجهات بعد ذلك في تكريمه وهو ما عبرت عنه بالشهادات المتأخرة والتكريم المؤجل، وقد استشهدت بالحكمة الشهيرة التي عبر بها الفنان والمفكر الألماني جوتة حين ذكر له أن المشهد الأدبي سيحتفي بك بعد موتك فقال «سطر واحد يكتب عني في حياتي خير لي من آلاف الصفحات تكتب عني بعد موتي» وقد صادق الأستاذ الأديب حمد القاضي على مداخلتي مستشهدا بقول الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي «التكريم عقد على صدري ولا أرجوه على قبري».