مضى على إنشاء معهد الإدارة العامة نحو 55 عاما.. حيث أنشئ المعهد في عام 1380 ه ونحن نعيش النصف الأخير من عام 1435ه.. ورغم هذا الزمن الطويل الذي تجاوز النصف قرن من عمر الزمن.. إلا أن مبنى لائقا لفرع المعهد لم يشيد في المنطقة الغربية من بلادنا.. وفي مدينة جدة – ثاني أكبر مدن مملكتنا الحبيبة – على وجه التحديد.. حيث يوجد فيها فرع ظل لسنوات طويلة بإمكانيات محدودة ضعيفة ووضع مهترئ.. ثم أدخلت عليه بعض التحسينات خلال فترة زمنية لاحقة.. ولكنه لم يكن يليق بسمعة المعهد والدور التنموي المنتظر منه في رفع كفاءة موظفي الأجهزة الحكومية وتطوير أجهزة الدولة!! وكان ولايزال الفارق شاسعا بين المركز الرئيسي وفرع جدة المهترئ على امتداد أكثر من نصف قرن من عمر الزمن!! ولم يكن العاملون في الفرع يريدونه متماثلا مع المركز الرئيسي.. ولكن كانوا يأملون في أن لا يكون الفارق بهذا الحجم الكبير. حدث هذا رغم أن الدولة – أيدها الله – وفرت كافة الإمكانيات للمعهد الذي حظي بدعم مادي سخي طوال سنوات عمره المديدة.. ولكن لم يتم استثمار هذه الإمكانيات الضخمة التي وفرتها الدولة لتلبية الاحتياج الماس وتشييد مبنى لائق لفرع المعهد في جدة.. والعمل على إنشاء المزيد من الفروع في مختلف مناطق المملكة. وبعد انتظار دام 55 عاما.. ظهر أخيرا مبنى جديد ومشيد على أسس إنشائية ملائمة للطبيعة التعليمية والتدريبية للمعهد.. وبدا في طور التشطيب.. على طريق المدينةالمنورة السريع في مدينة جدة. شد مبنى فرع معهد الإدارة العامة الجديد انتباهي.. فلقد طالبت بذلك أكثر من مرة في عدد من المؤتمرات وكذلك عبر منابر الصحف.. وسعدت كثيرا بهذا المنجز الجديد. ذلك أن فرع معهد الإدارة العامة بجدة – لا يخدم مدينة جدة فقط.. بل يخدم منطقة مكةالمكرمة بأكملها.. إضافة إلى مناطق: الباحة وجازان ونجران وتبوك. إن تأخر إنشاء مقر مناسب لفرع معهد الإدارة العامة في جدة طوال هذا المدى الزمني المديد.. يمثل في تصوري «حالة» تعكس قصور رؤية عن استيعاب الإطار الوطني الشمولي وإدراك أبعاد التنمية الوطنية وتبعا فقدان القدرة الممتدة لكامل حدود الوطن.. بدلا من انحصار الرؤية داخل حدود المركز. هذا النوع من المسؤولين من الممكن أن ينفع في تولي «فرع» لمؤسسة عامة.. وبالتالي لا ضير ولا ضرر في أن تتمحور نظرته في داخل إطار فرعه.. دون أن تكون مسؤوليته ممتدة على امتداد مساحة الوطن.. واستشعاره لمسؤوليته عن كامل الوطن في مجال اختصاصه. هؤلاء المسؤولون الذين مروا على بعض الأجهزة الحكومية وهم قلة ولله الحمد هم الذين تسببوا في إحداث خلل في التوازن التنموي وبالتالي تسببوا في إحداث خلل في مسار التخطيط الوطني.. حدث هذا في وقت يتصدر خطط التنمية الخمسية للدولة (هدف تحقيق التنمية الشاملة المتوازنة) التي تشمل كافة مناطق المملكة. بل المؤسف أن بعض المسؤولين عن أجهزة إدارية وطنية.. لم يسبق لهم زيارة بعض المناطق!! قابعون في مكاتبهم منغمسون في الملفات والأوراق.. وهذا أسلوب عفى عليه الزمن.. لا يمكن أن يحقق تطلعات التنمية في عصر يموج بالحراك المستمر. أعجبني مدير عام المعهد الحالي الدكتور أحمد بن عبدالله الشعيبي عندما أطلق المشروع الوطني للتدريب في مناطق المملكة.. وذلك لتوفير برامج تدريبية في مختلف مناطق المملكة تخدم المستفيدين رجالا ونساء في مناطقهم.. بدلا من قدوم المتدرب إلى مقر المعهد الرئيسي.. وينفذ المعهد هذا المشروع بالتعاون مع الجامعات. هذا ما نريده.. أن تكون نظرة المسؤول شمولية لكامل حدود الوطن.. فهو مسؤول عن التنمية في مجال اختصاصه في كل مكان بالمملكة وبالتالي فإن أي قصور في أي منطقة كانت في مجال اختصاصه هو في واقع الأمر قصور في أدائه لواجباته واضطلاعه بمسؤولياته. ولا يفوتني ختاما أن أشيد بالكثير من القيادات التي مرت على معهد الإدارة العامة مثل الدكتور فهاد بن معتاد الحمد والدكتور عبدالعزيز بن شافي العتيبي وكثيرين ممن لا تحضرني أسماؤهم حاليا.. افتقدهم المعهد ولكن استفادت منهم البلاد في مواقع أخرى.