تعود إلى منزلك منهمكا من عملك، تخلد للنوم، وما أن تغط في سبات عميق، تستيقظ من نومك مفزوعا، تعتقد أن مكروها حل بالبناية التي تقطن فيها، تكتشف أن الأمر مجرد ترميم أو إنشاءات في بناية مجاورة. في الفجر تغادر المنزل باتجاه المسجد وتجد العمل توقف، والشارع لا يوجد به أعمال أو إنشاءات، حتى العمائر المجاورة خالية من العمالة، تستغرب مما حدث ولماذا يتم العمل في توقيت لا يتجاوز مدته الثلاث ساعات، وتستغرب أيضا عن الدور الرقابي أو منح التصاريح أو مخالفة الأنظمة البلدية والعمل المخالف في آخر الليل، تعود لمنزلك ولو أنك لم تفزع من نومك ولم تغادر منزلك لاكتشاف ما حدث لتوقعت أنها مجرد أحلام نتيجة النوم العميق بعد يوم عمل مجهد. تخلد في النوم، وتستيقظ بعد ذلك لتبدأ اتصالات مع الجيران لمعرفة حقيقة إزعاج آخر الليل وتصدم في حقيقة «وش دخلني»، يا جار إنت في حالك وأنا في حالي، هكذا هو حال الجيران. تغير في واقعنا مفهوم الجوار وبات الجار لا يعرف جاره، ويلحق به الأذى والإزعاج وتجد أن خلافاتهم لا تنتهي وقد تكون بسبب أمور بسيطة، مثل الوقوف أمام المنزل أو الاستحقاقات الشهرية على السكان لإيصال خدمات المياه والكهرباء وغيرها، وتتحول إلى عداوة وأذى متناسين أن كف الأذى عن الجيران من كمال الإيمان. ولو أدرك البعض حقوق الجار لما تعمد أذية جاره، يقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، وعن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله: إن فلانة تكثر من صلاتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال: (هي في النار). حقوق الجار كثيرة ولا يتسع المقام والمقال لذكرها، ويجب أن نتعض ونتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل ومن يا رسول الله، قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه. وعلينا أن نبدأ بتصحيح مفاهيم حقوق الجوار الغائبة في كثير من مجتمعاتنا، وسامحونا.