قال القاضي شريح بن الحارث بن قيس الكندي، وقد رأى في عصره قبل نحو ألف عام رجالا من قومه يضربون النساء، فأزعجه ذلك التصرف الذي لا يدل على كمال الرجولة، فهتف يومها قائلا: رأيت رجالا يضربون نساءهم فشلت يميني حين أضرب زينبا أي أنه لم يستنكر ضرب رجال قومه نساءهم فحسب بل دعا على نفسه بالشلل لو أنه فعل مثلهم وضرب زوجه المصونة والدرة المكنونة زينب، فأعطى بذلك انطباعا نبيلا عن وجود رجال ذوي أخلاق كريمة لا يؤدبون نساءهم بالضرب والركل، مقابل من يفعلون ذلك بكل نذالة وخسة! ولكن هتاف القاضي شريح الذي تردد صداه عبر عدة قرون طويلة، لم يجد من يسمعه ويأخذ به بين كثير من أبناء الأمة المسلمة التي دعاها دينها إلى الرفق بالمرأة والإحسان إليها والاهتمام بإعدادها للحياة حتى لاحظ عدم عنايتهم بالمرأة شاعر معاصر فاتهم الأمة بعدم إحسان تربيتها وأن ذلك كان وراء تأخر الأمة فقال: من لي بتربية النساء فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق وعلى الرغم من نيل المرأة بعض الاهتمام الرسمي والشعبي متمثلا في العناية بتعليمها أسوة بأخيها الرجل، إلا أن النظرة إليها لم تتبدل كثيرا في العديد من المجتمعات الشرقية مما أدى إلى نشوء العنف ضدها لأن بعض الذكور ما زالوا يطالبونها بالطاعة العمياء وأنه ليس من حقها فتح حوار معهم حتى في ما يخصها من أمور، فإن فعلت كانت لطمة تنتظرها جزاء لها وردعا لأمثالها! فإن فزع صغارها وصاحوا برعب أمي.. أمي نالهم من الضرب والأذى ما نالها وأكثر حتى هرع المجتمع وتنادى إلى وجوب حماية الأسرة من طفل وامرأة من البغي والعنف الذي وصل إلى حد إزهاق الأرواح البريئة. ولو أن القاضي شريح بلغه ما يجري من جرائم ضد النساء لعدل بيته الآنف ليصبح هكذا رأيت رجالا يقتلون نساءهم فيا لهم من مجرمين عتاة!؟