تتنافس المناطق السعودية هذه الأيام على احتلال الصدارة في إعداد وتنفيذ برامج التنشيط السياحي التي يراها البعض مكرورة ومستنسخة، فيما يتبنى البعض تشجيعها ومساندتها أملا في الرقي بها لمستوى تطلعات الزوار والمصطافين، ويؤمل فريق ثالث أن يتم تسليمها لمتعهدين مختصين وهنا استطلاع لوجهات نظر نخبة من المثقفين والإعلاميين والمختصين: يرى الكاتب عبدالله الكعيد، أنه مع استمرار الفعاليات الصيفية رغم كل قصور وفقر في المضامين إلا أنها تؤمن بعض البهجة، مضيفا أنه يمكن تطويرها وكسر نمطيتها بدءا من تحجيم الخطابية والوعظية المملة، ومراعاة أذواق ومشارب الناس بكل أطيافهم وشرائحهم، داعيا إلى أن نجرب الترويح عن القلب بساعة من فرح وبأسلوب مختلف. أما مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في الباحة علي بن خميس البيضاني، فيوضح أن برامج التنشيط السياحي تحاول استهداف الأسرة والطفل وبعض الفعاليات المتقشفة للشباب، إلا أننا شئنا أم أبينا لا نلمس جديدا كون التقليد والتكرار يغلفان هذه الأنشطة، ليس لأن الإبداع محدود أو أن الأفكار معدومة، ولكن لأن الواقع يواجه عدة محاذير تفرض نفسها على أنها خطوط حمراء، وهي تختلف في معطياتها من منطقة لأخرى لكنها موجودة بشكل عام. وأضاف أن الواقع يفرز ازدواجية بين الجهات ذات العلاقة بهذه الأنشطة من جمعيات ثقافة وفنون وأندية أدبية ومكاتب رعاية الشباب ولجان تنمية اجتماعية ومجالس شباب، الأمر الذي سبب ضعف مخرجات الجميع رغم محاولة البعض الابتكار والتميز، وبالتالي لا تجد نشاطا جاذبا يروي عطش متابع ومشاهد. ولفت البيضاني إلى عدم وجود مخصصات للأنشطة في حال التفكير بعمل مختلف، ويرى أن أفضل حل لتطويرها والرقي بها تسليم المواقع مجانا لمتعهدين كنوع من الدعم، مقابل أنشطة جاذبة هدفها الترفيه ولا يمنع أن تكون برسوم مناسبة. ويؤكد الكاتب فاضل العماني، أننا ما زلنا لم نخرج بعد من شرنقة البدايات والتجريب والتغيير كونه لا توجد آليات واضحة أو قوانين معينة تحكم هذه الصناعة الكبيرة (السياحة) التي تدر المليارات وتوفر آلاف الوظائف، مشيرا إلى أن نسبة الرضا قليلة جدا عن مستوى هذه الفعاليات والبرامج، لأنها تفتقر لأدنى معايير الإبهار والمتعة والبهجة، واصفا ما يقدم بمجرد مبادرات بسيطة للغاية وأنشطة مكررة، لم تعد تغري الأسرة السعودية، لافتا إلى أنه للوصول الى سياحة وطنية حقيقية، لا بد من الاهتمام بكل الوسائل والجوانب التي تتعلق بهذا القطاع الحيوي المهم الذي لم يحظ حتى الآن بقناعة مجتمعية وعلى مختلف الصعد كون البرامج السياحية، ليست مجرد رقصات وأهازيج وفقرات ساذجة، بل هي منظومة متكاملة تتكامل مع الكثير من العوامل والمصادر السياحية الأخرى. تساءل العماني بقوله: لماذا لا نستفيد من التجارب والخبرات القريبة منا؟، ولماذا لا توجد رؤية واضحة لقطاع السياحة الذي تندرج تحته هذه البرامج والفعاليات؟، ويجيب بأنه حينما ندرك أهمية وتأثير وفائدة مثل هذه البرامج السياحية على واقع المجتمع السعودي الذي يعاني من غياب، أو تغييب، لكل ملامح الفرح والانفتاح والتسامح، سنعرف جيدا حجم المشكلة. ويوضح مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في الطائف فيصل الخديدي، أن برامج التنشيط السياحي لا تزال بنفس الطابع من سنوات وهي بحاجة للتنوع والتفرد والتجديد، داعيا إلى الانفتاح على ما يحدث من البرامج والفعاليات السياحية في الدول التي تميزت في المجال السياحي والاستفادة من تجربتها والعمل وفق برامج مخطط ومعد لها من وقت مبكر. ويرى المسرحي محمد ربيع، أنه لا بد أن نجامل تلك البرامج لسببين، أنها كلفت مالا وجهدا، ومع ذلك يصفها ببرامج لملء فراغ ما لا يخصني كونها لا تستهدفه أو عائلته بشيء لأنها تتبع أسلوبا واحدا من الأساليب العالمية في تنفيذ البرامج والمهرجانات السياحية، أسلوب المنصة، وفعالياته تتم فوق منصة عرض وتشمل التمثيل والأناشيد والأوبريتات والرقصات والمسابقات وتصحب تنفيذه إجراءات رسمية قد تعقد الاستفادة الجماهيرية منها، مؤملا أن نخرج عن هذا الأسلوب إلى أسلوب الساحة قليلا أو نحو النشاطات المنبرية كالمحاضرات والأمسيات الأدبية التي لا تعتبر بشكلها الراهن أسلوبا من أساليب البرامج والمهرجانات السياحية، ويعد تطوير تلك البرامج رهن تنوع أساليب تنفيذها، والمعروف عالميا من تلك الأساليب ستة، أسلوب القافلة وهو أقرب الأساليب الى روح الاحتفاء بالصيف، حيث تنتقل الفعاليات إلى حيث السائح في القرى والغابات والمنتزهات والحدائق ويسودها طابع الفرح والاحتفال وتخلو من تعقيدات الحضور الرسمي، وأسلوب الميدان وأسلوب العرض وأسلوب الإستاديوم وأسلوب الساحة وأسلوب المنصة، داعيا إلى أن تقوم الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة في المناطق السياحية بمزامنة مهرجاناتها وفترات الصيف، وأن تعد لها إعدادا عالميا لا محليا وأن تجعلها تقليدا صيفيا كل عام، وأن تفعل إمارات المناطق الشيء نفسه مع جوائزها السنوية التي لا تكاد تخلو منها منطقة فتكون الجائزة واحتفالاتها المصاحبة من بين تقاليد الصيف المتبعة.