تبدو المسافة بين الأندية الأدبية وفروع جمعية الثقافة والفنون في مختلف المناطق غير مجسرة بالتواصل بينهما؛ مما جعل من مقترح إقامة “مراكز ثقافية” فكرة مقبولة؛ نظرًا لتقارب سمات النشاط بينهما، غير أن هذه الفكرة لم ترَ النور بعد، وباعد بينها وبين احتمال تنفيذها في المدى القريب إصدار لائحة الأندية الأدبية الجديدة، بما اعتبره البعض خطوة “تجميدية” من قبل وزارة الثقافة والإعلام لفكرة دمج الأندية الجمعية في هذه المراكز. مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الباحة علي البيضاني أكد بعد المسافة بين الأندية الأدبية وفروع جمعية الثقافة والفنون بقوله: «من الإنصاف أن نقول: هناك علاقة بين الأندية والجمعيات قد تكون ضعيفة بسبب ارتباط العاملين في المؤسستين الثقافية، وقد تكون مسألة التعاون شبه مفقودة؛ لكن بالنظر إلى مجالات الأندية الأدبية الثقافية واختصاصها النخبوية الواضح في المقابل للجمعيات مجالات واختصاصات متنوعة ومتعددة تستهدف كافة شرائح المجتمع بمختلف الأعمار يعتبر الأمر طبيعي». كما أرجح أن هذا البعد بينهما ربما يعود لأن البعض ينظر للعمل على أنها وظيفة يقتات منها، وهذه مشكلة وليس له اهتمام بتحقيق الأهداف العام للمؤسسات الثقافية، فليس كل من طبع كتاب أو ديوان ووزعه على الناس أديب أو مثقف أو فنان. لائحة ضرورية ويؤكد البيضاني حاجة جمعيات الثقافة والفنون للائحة أسوة الأندية الأدبية في سياق قوله: “بكل تأكيد هناك حاجة ماسة لمثل هذه اللائحة بالنسبة لجمية الثقافة والفنون؛ فاللوائح تحدد الخطوط العريضة للعمل في أي مؤسسة، وطريقة عمل الجمعية ناجحة جدًّا، فهي تعطى مرونة كبيرة لتحرك كل فرع وفق طبيعة المجتمع، إضافة إلى أنها ستمكن إدارة كل فرع من اختيار الأفضل من العناصر الأكثر فاعلية وحاجته من الأنشطة”. إعادة نظر في الموارد المالية وحول الجدل الدائر فيما يخص الموارد المالية بين الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون يضيف البيضاني بقوله: “أنادي وأطلب وكلي أمل من وزيرنا المحبوب القريب من المثقفين والفنانين أن يتأمل وينظر لما تقدمه الجمعية عبر فروعها من دورات وورش عمل ومعارض تشكيلية فوتوغرافية، بالإضافة للأنشطة المنبرية والاحتفالات الشعبية مقابل ما تقدمه الأندية الأدبية من أنشطة منبرية فقط، فربما يعيد النظر في قناعات كثيرة فيما يخص الدعم المادي مقابل حجم العمل. فعلى سبيل المثال قدم فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة أكثر من 8 دورات تدريبية في مجال الخط العربي وإعداد الممثل المسرحي والفنون التشكيلية والتصوير الضوئي، بالإضافة إلى ما يزيد عن 8 معارض تشكيلية وضوئية، وأربع مسرحيات و20 أمسية شعرية وثقافية بما فيها الاحتفالات الشعبية في المناسبات العامة والخاصة وطنية واجتماعية وسياحية. وأشير هنا إلى أنه لم يعقنا شيء عن تحقيق الأهداف والتطلعات والآمال، ولكن هناك ما يعيق عن الوصول إلى تقديم الأفضل، ويتمثل ذلك في المباني، وهي عامة على جميع الفروع، بجانب عدم وجود سكرتير تنفيذي متفرغ، فهو ضرورة ملحة مع كثر المخاطبات والبرامج والأنشطة، فالسكرتير التنفيذي “المتفرغ” يسهم في إنجاز أعمال الجمعية؛ لأن أغلب مناسبات وأنشطة الجمعية محدودة بوقت. اتهام مردود كذلك نفى علي البيضاني انحياز جمعية الباحة لعدد من الشعراء الشعبيين وتجاهل آخرين، قائلًا: “الجمعية وغيرها ليست معنية بإخراج الشعراء من منازلهم بالقوة من أجل المشاركة، فدور الجمعية يقتصر في تقديم الدعوة والترحيب بالجميع، فمن يستجيب سيجد كل التقدير؛ مع ثقتي أن الاستجابة يفترض أن تكون واجبة إن لم يكن للجمعية فللجمهور الذي يريد أن يسمع جديد الشاعر، وهنا أؤكد أنه تم تقديم الدعوات لكافة الشعراء، ومن لديه غير ذلك فعليه الدليل. فنحن نستعرض جميع الأسماء وننسق في إقامة الأمسية إلا أنه مع الأسف نجد الأكثر من الاعتذارات من الشعراء بعد التنسيق وأخذ الموافقة وتجهيز الهدايا والدروع بأسمائهم؛ مما تسبب لنا في الإحراج من الجمهور وإرباك البرنامج، ورغم ذلك نكرر لهم الدعوة مرة أخرى لنتيح لهم الفرصة لمصافحة الجمهور. بيت الباحة والجنادرية ويرسم البيضاني علاقة الجمعية بمهرجان الجنادرية واتهام البعض ل“بيت الباحة” بالاقتصار على تقديم الفلكلور فقط بقوله: “علاقة بيت الجمعية بيت الباحة في الجنادرية تقتصر على أداء الفلكلور الشعبي والأمسيات، ويتم الحضور والانصراف بناء على توجيه مقام الإمارة بالتنسيق مع الحرس الوطني، أما من يتهم الجمعية بالتقصير في توجيه الدعوة فعلية التأكد من معلوماته، فقد وجهنا الدعوة لجميع الشعراء، ولكن لكثرة الاعتذارات توحي للجمهور أن هناك تقصير من الجمعية، وهذا خلاف الحقيقة، أما بالنسبة لأعضاء الفرقة الشعبية فالمجال مفتوح للجميع، ولو حصل أن تقدم شخص وحد وقال طرقت أبواب الجمعية ورفضت فلكم الحرية للإعلان عن ذلك، وللعلم إن المشاركة بالجنادرية تتم بناء على عدد المشاركات في الاحتفالات طوال العام وخصوصًا التنشيط السياحي. حضور باهر للمرأة وينتقل البيضاني بالحديث إلى فناني التصوير الضوئي ونشاطهم في الجمعية ودور المرأة التشكيلية في الفعاليات، قائلًا: “لجنة التصوير الضوئي رغم كونها حديثة فعمرها لم يتجاوز أربع سنوات إلا أنها حققت نجاحات كبيرة من خلال المعارض المميزة والصور التي تعكس ما يتمتع به أعضاء هذه اللجنة من احترافية، وقد تم استحداث استديو خاص بالتصوير الضوئي، وهو الأول على مستوى المملكة وتحركه يبشر بالخير واعد، وقد توجت تلك الجهود بجائزة التصوير الضوئي الأولي التي أعلنها نائب أمير منطقة الباحة الأمير الدكتور فيصل بن محمد خلال افتتاحه أحد المعارض وتكفل بجائزة المركز الأول، والتي ستنطلق في العام المقبل”. أما فيما يخص المرأة في الفن التشكيلي وغيره من الفنون فهي موجودة وبقوة، وهي شريك للرجل؛ بل ليس هناك فرق بين رجل والمرأة فيما يقدم من الأنشطة التي تنفذ وتقام حسب التفاعل والترتيب والحاجة، ولا توجد صعوبة في مشاركتها، فقد تم التنسيق مع مقام الإمارة لفتح الفرع يوم الخميس مرتين كل شهر وإخلاء المبني تمامًا للنساء، ويتم التنسيق في ذلك مع الجهات ذات العلاقة من هيئة وجهات أمنية، وللموهوبات أنشطة تتفق مع احتياجاتهن ولعل آخرها الدورة التي إقامتها الفنانة منال العدواني بمركز المواهب الفنية بالباحة وكانت مميزة وقوية؛ كما تم مؤخرًا منح عضوية الجمعية لما يزيد عن 160طالبة من طالبات جامعة الباحة. صقل المواهب المسرحية وعرّج البيضاني في سياق حديثه إلى واقع نشاط المسرح في الجمعية، حيث يقول: “لا شك أن المسرح كما يقال هو أبو الفنون؛ حيث بدأت الجمعية عقب التشكيل الأخير للجنة المسرح من حيث انتهى الإخوة السابقين من خلال العمل على إعداد قاعدة بيانات والعمل على اكتشاف المواهب المسرحية من أجل رعايته وصقله، ومن ثم لتقديمها للجمهور إضافة إلى توفير بعض الأدوات والتجهيزات حسب إمكانات الجمعية، وقد توجت تلك الجهود بخمس أعمال مسرحية من ضمنها المشاركة في المهرجان المسرحي بالجنادرية 25. وأحب أن أشيد هنا بجهود الإخوة في لجنة المسرح، وعلى رأسهم مقرر اللجنة مهدى الكناني وأعضائها محمد ربيع المخرج والمؤلف المبدع الذي تعد عودته مكسبًا ليس فقط للجمعية بل للمسرح وكذلك الأخ مبارك الزهراني. برامج لتنشيط السياحة ويختم البيضاني حديثه متناولًا دور الجمعية في برامج التنشيط السياحي بقوله: “برامج التنشيط السياحي تتم بمشاركة عدة جهات حكومية وتجارية بأشراف مقام الإمارة، والجمعية أعدت برامجها، وتم رفعه للجنة التي وجه بتشكيلها سمو أمير المنطقة يحفظه الله، والذي يشمل على أكثر من 12 فعالية ما بين معارض فنية ومسرحية للأطفال واحتفالات شعبية، ولنا برامج إضافية بالشراكة مع جهات أخرى ستوزع على الغابات السياحية بمحافظات المنقطة.