التخوفات من اندثار العين الحارة الأولى التي تحتضنها ضفاف سد وادي جازان بمحافظة العارضة باتت أكثر من ذي قبل، إذ أبدى عدد من السياح من داخل المملكة وخارجها هذا التخوف لما لاحظوه من إهمال لهذه العين التي تعد مكانا للعلاج بالمياه المعدنية، مطالبين الجهات المعنية بالتحرك لإعادة العين إلى ماكانت عليه من جمع للسياحة العلاجية والمناظر الخلابة. وعرف عن هذه العين الحارة ارتياد الناس لها من المملكة ودول الخليج إلى جانب سياح من دول العالم، يستشفون بمياهها بإذن الله من الأمراض الغضروفية والعظمية والجلدية، لكن هذه العين تعاني حاليا من الإهمال رغم أن سكان المنطقة يعدونها الوجهة الأهم للزوار، لكن التدمير والعبثية لحقت بمرافقها وعيونها السبع ما يعني أنها في الطريق إلى الاندثار والاضمحلال وانصراف الزوار والسياح عنها. عدد من الأهالي والزوار أجمعوا على أهمية إعادة تأسيس مشروع العين الحارة كونها أحد المعالم السياحية الهامة في المنطقة، إذ يتوافد عليها المواطنون من داخل المنطقة وخارجها وذلك للاستمتاع بمياهها الجوفية الحارة والاستفادة من تأثيرها العلاجي والاستشفائي من بعض الأمراض لما تحويه من مياه معدنية. وقال كل من محمد الودعاني وعيسى بحري وجمعان الطميحي ل«عكاظ»: إن العين التي تقع على مساحة 1.2 مليون متر مربع كانت مزارا استشفائيا وسياحيا متفردا لمواطني المملكة ودول الخليج العربي، بالإضافة إلى السياح الذين يقدمون من فرنسا وأمريكا وعدد من الدول الأوروبية، مشيرين إلى أن العين الواقعة في العارضة هي أولى العيون الحارة في المملكة، وتبلغ درجة حرارتها 54 درجة مئوية ولا تسبب أي حروق للجلد. فيما أبدى عبدالله الجابري وهو أحد سكان العارضة، استياءه من الإهمال الواضح للعين، وقال إنه يقف خجلا أمام مرتاديها من وضعها المزري على حد وصفه، مقترحا توفير حراسة خاصة للمنتزه لمنع العابثين من تشويه مرافقه، مشيرا إلى أن الموقع أصبح مأوى للمجهولين ومخالفي أنظمة الإقامة والعمل، وأضاف قائلا: تحولت العيون الحارة بمحافظة العارضة الواقعة جنوب شرقي جازان من منطقة جذب سياحي إلى أماكن موبوءة ومأوى للضفادع والحشرات وأماكن لانتشار الطحالب، وباتت تهدد زائريها بانتشار الأوبئة والأمراض بدلا من أن تكون مصدرا للعلاج بسبب الإهمال بعد أن كانت مقصدا للباحثين عن الشفاء ممن يعانون الأمراض الجلدية والروماتيزم بالإضافة إلى أنها أصبحت مسكنا لمخالفي الإقامة والعمل. إنقاذ عاجل وقال سعيد آل نقيب، يجب أن تولى العيون الحارة اهتماما بالغا لما تجده من إقبال كبير من الزوار الباحثين عن الاستشفاء من الأمراض، وخصوصا أمراض الروماتيزم والأمراض الجلدية بشكل خاص، لافتا إلى أن زيارات المرضى لهذه العيون أظهرت نتائج ايجابية في شفائهم من أغلب الأمراض من خلال استخدامهم المتكرر لمياهها الكبريتية. وقال إبراهيم مسملي، إنه تفاجأ بمنظر تلك العيون المملوءة بالمخلفات، مؤكدا على أنها باتت في حاجة عاجلة لتنظيفها من الطحالب والضفادع والحشرات والعناية بدورات المياه الموجودة، وأشار إلى أنه كان يذهب إلى العين الحارة كل خميس في قت مبكر قبل صلاة الفجر بصحبة أفراد عائلته لحجز المكان المناسب والاغتسال بماء العين لما فيها من فوائد جمة، إلا أنه في الآونة الأخيرة قرر عدم الذهاب إليها بسبب الروائح الكريهة الناتجة عن إهمال النظافة والمياه المنسابة بمدخلها. تراجع للأسوأ وبين وسيم العلي وهو مواطن قادم من الرياض، أنه سمع عن العيون الحارة ومالها من فوائد كبيرة في معالجة بعض الأمراض الجلدية، وقال إنه حضر هو والعديد من زملائه لزيارة جازان والمواقع السياحية إلا أنهم تفاجأوا بما وجدوه من إهمال لتلك العيون بخلاف ما يلاحظونه في المناطق الأخرى من اهتمام بها ورعاية مستمرة، وقال إنه في كل زيارة لتلك العين يجد أنها تتراجع للأسوأ، مؤكدا ملاحظته بعدم الاهتمام بها، إذ لا توجد فيها أماكن مخصصة للرجال والنساء كما هو الحال في الأماكن التي توجد بها العيون المشابهة في المناطق الأخرى، وطالب المسؤولين في لجنة التنشيط السياحي بالمنطقة وأمانة جازان بالاهتمام بهذه العيون لتظل معلما ومركزا من مراكز الجذب السياحي ليجد الزائرون ما يحتاجونه فيها من علاج واستراحة واستجمام بشكل حضاري مرموق. إطلالة ساحرة وخلال جولة ل«عكاظ» في موقع العين، اتضح أن أهم ما يميزها الموقع السياحي المتفرد ومياه العين التي تنبع من أكمة صخرية لتنحدر بين أشجار النخيل والحلفا، وذات إطلالة ساحرة على سد وادي جازان، لكنها كل تلك الميزات لم تشفع لها في الإنقاذ من الإهمال، حيث هجرتها الشركة المشغلة للموقع بعد أن سحبت منه المشرفين والحراسات الأمنية والمرشدين السياحيين، ما أدى إلى سرقة الكيابل وأجزاء من المنشآت الموجودة بالمكان، ليتحول إلى منقطة مهجورة يخشى الزائر الدخول إليها بسبب الأشجار الكثيفة المحيطة بالمكان، ذلك غير النفايات المتراكمة والروائح الكريهة المسيطرة على أجوائه. السياحة: سنبحث تأهيلها رستم الكبيسي المدير التنفيذي لجهاز السياحة في منطقة جازان قال ل«عكاظ»: إن المنطقة شهدت خلال الفترة الماضية اهتماما كبيرا بالسياحة البحرية من خلال تطوير الواجهات البحرية مثل جزيرة فرسان وغيرها، مشيرا إلى أن جهاز السياحة بصدد إعادة تأهيل العيون الحارة لضمان عودة استقطابها للسياح بعد أن هجروها، مرجعا سبب اندثار العين الحارة إلى أن ملكيتها تعود لشركة سياحية خاصة، وهي الجهة المعنية بتشغيلها واستثمارها. وأشار الكبيسي، إلى أنه سيتم بحث إعادة تأهيل العين والرفع لسمو أمير المنطقة بأية عوائق قد تحول دون تطويرها وإعادة تشغيلها، بما يضمن الاستفادة منها وعكس الصورة الجميلة للسياحة في منطقة جازان التي منها السياحة العلاجية التي وهبها الله إياها، وتمنى أن تعود العيون الحارة وجهة سياحية تضاهي السياحة العلاجية في بعض بلدان العالم المتقدمة، خصوصا وأن تلك العيون الحارة تماثل العيون الحارة في عدد من بلدان العالم، مؤكدا على أن العين الحارة من أهم المياه العلاجية الاستشفائية على مستوى العالم العربي.