يقال إن الأسد مجموعة من الخراف المهضومة، وكذلك النجاح هو مجموعة من حالات الفشل الباحثة عن النجاح، وهذا ما يذكرنا بأديسون الذي واجهه أحد الصحفيين سائلا: ما شعورك حيال 25 ألف محاولة فاشلة قبل النجاح في اختراع بطارية تخزين بسيطة، أجاب: «لست أفهم لِم تسميها محاولات فاشلة؟ أنا أعرف الآن 25 ألف طريقة لا يمكنك بها صنع بطارية». فالفشل هو المعرفة بأن هناك طريقا آخر للنجاح.. ودائما هناك طريق آخر للنجاح. ثمة قصة تروى عن مزارع هولندي باع كل ما يملك واتجه إلى جنوب أفريقيا لشراء أرض وإقامة أكبر مزرعة عليها، وبعد إتمام الصفقة اكتشف أن الأرض التي دفع فيها كل ما يملك لا تصلح بتاتا للزراعة، وأنها مليئة بالثعابين والعقارب وسقط أمله، ولم يعد قادرا على استرجاع أمواله أو الاستفادة من هذه الأرض المتخمة بالثعابين والعقارب، وفي أحد الأيام وبينما هو يفكر في حظه العاثر طرأت في باله فكرة تغيير طريقة تفكيره، وأخذ يحدث نفسه بأن الأرض لا تصلح للزراعة إلا أنها بالضرورة تصلح لأمر آخر، وعندما استعرض مقدرتها ومميزاتها قرر في الحال أن يحول تلك الأرض إلى مصنع لإنتاج أمصال وعقاقير مضادة للسموم الطبيعية، ولأنها فكرة حديثة ومبتكرة تهافت عليه الناس ليصبح أكبر منتج للأمصال إنه فان كلويفرت. ودائما ما أكرر أن النجاح مرتبط بالمثابرة وبذل الجهد والعمل المتواصل، فثمة مقولة تنسب مرة للروائي الروسي تولستوي، ومرة لصاحب الاختراعات الفائقة والمتنوعة أديسون بأن أي نجاح تكون فيه الموهبة 1% والعمل يمثل 99%.. وجميعنا حينما درجنا لمراحل الشباب والأحلام الطليقة كانت ثمة صور تغازل مخيلتنا، فنهفو إليها جذلين، وقد يبادر أي منا بنثر أحلامه على مسامع ذويه أو أصدقائه بأنه يحلم أن يكون طبيبا أو مهندسا أو رجل أعمال، إلا أن الحلم القصير والمتماثل لرغبات الآلاف لا يوصلك أبعد من حبله، نعم أن تصبح طبيبا هو نجاح، ولكن ماذا بعد أن تصبح طبيبا أو رجل أعمال؟ بمعنى هل ما زلت تحمل شغف التميز والابتعاد عن أقرانك بتحقيق أبعد من الحلم الأول، ومن وجهة نظري أن النجاح المتماثل لا يمثل نجاحا حقيقيا ما لم تبرز في مجالك وتتحول من فرد في مجموعة إلى مجموعة بذاتها ينظر إليك بأنك حققت ما عجز عنه الآخرون.. وما العدو في مضمار السبق إلا خيال أنك كنت هناك فلا أحد يتذكر المتسابقين وإنما الجميع يذكر الفائز. والنجاح المبهر أنانية مفرطة للذات هي التي تحدد أي الطرق تتسع لطموحك، كما أن النجاح ليس أحلاما تطوف بمخيلتك وتغفو عنها لهذا تصبح جملة (إذا حلمت استيقظ) هي الوسيلة الحقيقة للنجاح، فمن يحلم ولا يستيقظ كي يعمل ويصل إلى أحلامه إنما هو إنسان يحقق نجاحاته في المتخيل وتظل خطواته اجترارا لمتخيل وأحلام متراخية كسولة تبدأ نشاطها في المخيلة وتموت في المخيلة. الناجح هو من يحدث صدى بعيد المدى لنجاحاته.. والنجاح جالب للعداوات، كما أن الفشل جالب للسخرية، وربما تكون السخرية هي القاسم المشترك بين النجاح والفشل، فالفاشل مادة سخرية للجميع، بينما الناجح مادة سخرية للفاشلين، ونلحظ هذا حينما يبزغ نجم الناجح، إذ تلاحقه سخرية وتهم الفاشلين في محاولة مستميتة لجذبه للخلف من خلال انتقاص نجاحاته وملاحقته بمفردات بائسة تبدأ بالقهقهة وتنتهي بالحسرة؛ لأن الناجح لا يتوقف عند ما تشتهيه خواطرهم. والناجح دائما يقطف مع نجاحاته أشواك أعدائه. فهل يستحق النجاح جني كل تلك الأشواق.. حتما يستحق. جزء من ورقة ألقيت في الملتقى الاجتماعي حكاية فشل وبداية أمل.