يواجه أحمد معيتيق الذي انتخبه المؤتمر الوطني العام أمس الأول رئيسا جديدا للحكومة الليبية بعد مخاض عسير، تركة سياسية ثقيلة وشللا اقتصاديا كبيرا وإرثا أمنيا سيئا متراكما عتيدا، يحتاج منه لجهود مضاعفة لإرساء الأمن والاستقرار في ليبيا، التي لا تزال تحاصرها القلاقل الأمنية، وتحيط بها الاضطرابات المناطقية، فضلا عن الوضع الاقتصادي المتدهور والاضطرابات في كامل محيط الدولة، التي تتطلب العمل على وحدة وسيادة واستقرار ليبيا التي لم تعد تتحمل مزيدا من حالة عدم الاستقرار وتحتاج لإرساء قواعد دولة القانون واستعادة هيبة الدولة. معيتيق رجل الأعمال الذي انتخب خلفا لعبدالله الثني الذي استقال من منصبه في أبريل 2014، ولد عام 1972 في مصراتة، وخريج جامعة لندن للدراسات الاقتصادية العالمية، وأحد الداعمين لثورة 17 فبراير، سيدير ليبيا التي تقاذفتها رياح عدم الاستقرار منذ إنهاء حكم معمر القذافي قبل ثلاث سنوات، وفي مرحلة حرجة من الاضطراب الديمقراطي، حيث البرلمان المشلول جراء الصراعات الداخلية وانتشار الميليشيات التي ترجع لضعف سيطرة الحكومة على مفاصل الحكم خاصة المؤسسات الأمنية والعسكرية. وهناك قائمة أولويات تواجه رئيس الوزراء الجديد في قمتها، تعزيز الوحدة الوطنية التي افتقدتها، والوضع الأمني المضطرب، حيث فشلت الحكومات الماضية في التعامل معها وإعادة بناء النظام السياسي الليبي الهش، وإحداث التوافق والإجماع حول حكومته التي سيعمل على تشكيلها قريبا، شريطة أن تكون حكومة توافقية تتضمن كافة ألوان الطيف السياسي والتيارات دون تهميش أو إقصاء، ومعالجة مشاكل الشعب الليبي من جذورها وإعداد مشروع متكامل للإصلاحات على المدى الطويل ومحاولة دمج الميليشيات في الجيش والشرطة وتوفير التعليم والتدريب لعناصرها، وهو الأمر الذي سيعزز من فرص إعادة دمجهم في المجتمع فضلا عن بناء جيش وشرطة قويين وقادرين على كبح جماح الميليشيات الخارجة عن إطار دولة القانون. مهمة معيتيق ليست سهلة على الإطلاق، فهو يمشي على فوهة بركان وعليه سرعة بناء قدرات الوزارات الليبية المهترئة، وتعزيز التنسيق بينها لكي تستطيع الحكومة الجديدة الوقوف على قدميها وخدمة الشعب، وأن يستفيد من دروس وتجارب الحكومات الماضية التي تشكلت في أعقاب الثورة الليبية، والتي لم تنجح في إخراج ليبيا من عنق الزجاجة، أو تقديم إنجاز للشعب الليبي يكافئ تضحياته الكبيرة في سبيل إنجاح وانتصار الثورة.