تمكين التحوّل الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية نحو مستقبل التكنولوجيا    8 لاعبين.. هل ينجون من الإيقاف؟    اليوم.. ملاعب "بوليفارد سيتي" تستضيف بطولة موسم الرياض للبادل P1 بمشاركة دولية ومحلية    تحت شعار «قصصٌ تُرى وتُروى».. إطلاق مهرجان أفلام السعودية.. أبريل القادم    وزير خارجية السودان: الحرب توشك على الانتهاء    النمر العربي.. رمز التنوع الحيوي في المملكة وشبه الجزيرة العربية    تركي آل الشيخ يعلن وصول زوار موسم الرياض إلى 19 مليون    أمير جازان يستقبل مدير الدفاع المدني السابق و المعين حديثاً    يقدم 250 فعالية متنوعة.. «معرض جازان للكتاب» يستقبل الزوار غداً    وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالين من رئيس وزراء فلسطين ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الباكستاني    أمير الشرقية يكرّم المشاركين في مبادرة «خدمتكم فخر»    علامة HONOR تفتتح منصة الإعلان في LEAP 2025 مع إطلاق هاتف PORSCHE DESIGN HONOR Magic7 RSR    الهلاليون: كوليبالي كارثي    فجر السعيد: أعتذر للعراق وأعتزل النقد السياسي    «وول ستريت» تتراجع.. وتباين بمؤشرات أسهم آسيا    لبنان تدين وترفض التصريحات الإسرائيلية ضد المملكة    والد عبدالله الزهراني في ذمة الله    انخفاض الناتج الصناعي الهولندي لأدنى مستوى خلال 6 أشهر    حسين عبد الغني يتوقع موقف الأهلي في دوري أبطال آسيا    الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية تعلن تأسيس الجمعية الأولى للتوحد بمنطقة مكة المكرمة    مساعد وزير الداخلية : الوزارة انتقلت من الرقمية التقليدية إلى المعززة بالذكاء الاصطناعي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء جمعية العمل التطوعي    سماحة المفتي ومعالي النائب يستقبلان مدير فرع عسير    السعودية تتصدر دول مجموعة العشرين في مؤشر الأمان لعام 2023    إسقاط مسيرات أوكرانية.. وهجوم روسي على كييف    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    «الإحصاء»: ارتفاع مؤشر «غير النفطية» 4 %    أم تقتل ابنها المعاق بعد تشخيصها بسرطان مميت    مستشفى دله النخيل بالرياض ينقذ مريضة من ورم في الرقبة ممتد للقفص الصدري    الصحة العالمية: الصرع لا يزال محاطًا بالوصمة الاجتماعية    رياح وأمطار خفيفة على بعض المناطق    عبدالعزيز بن سعد يواسي أُسر المايز والتميمي والجميلي في وفاة فقيدتهم    تسجيل 1383 حالة ضبط في المنافذ    العيسى يلتقي رئيس وزراء غينيا بيساو ويقف على برنامج جراحات العيون    الهلال الأحمر يعيد النبض لمعتمرة إندونيسية    تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي للمجندات الدفعة السابعة بمعهد التدريب النسوي    دورات لتعزيز مهارات منسوبي الحرس الملكي        غيبوبة على الطريق.. تنتهي بحفل تكريم «اليامي» !    موجز اقتصادي    سيادة المملكة «خط أحمر»    وزارة الثقافة تشارك في مؤتمر «ليب 2025»    «الدارة» تصدر كتاباً حول القطع الفخارية المكتشفة بتيماء    تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي..    الأوركسترا والكورال الوطني.. روعة الإبداع في شتى الصور    %75 نسبة تفوق الحرفيات على الذكور    إرث الصحراء    بختام الجولة ال 19 من دوري روشن.. الاتحاد يسترد الصدارة.. والنصر يقترب من الهلال    ولي العهد يستقبل رئيس اللجنة الأولمبية الدولية    سباق تدّمير العقول    شعبان.. محطة إيمانية للاستعداد لرمضان    حسن التعامل    الاحتلال يوسع حملة تدمير الضفة وينسحب من «نتساريم»    الثأر العجائبي في حكاياتنا الشعبية..    ولادة أول صغار المها بمحمية عروق بني معارض    كيف يتكيف الدماغ بسرعة مع التغيير    ميكروبيوم معوي متنوع للنباتيين    الاتحاد السعودي لكرة القدم يقيم ورشة العمل الإعلامية الرابعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا الجديدة.. عراك بين السياسة والسلاح!

تابع العالم انتفاضة الشعب الليبي على نظام القذافي والمدعومة من قوات حلف الناتو وبقرار أممي، لكن المشهد السياسي بعد مضي عامين يقلق العديد من الليبيين وأشقائهم العرب حول عدم قدرة المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، والقوى السياسية الأخرى على السير قدماً تجاه الانتقال من فكر الثورة والتمرد والانتفاضة إلى فكر الدولة والقانون واحترام هيبة الدولة، ولذلك نرى أن الوزارات وحتى المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، تتم محاصرتها من مسلحي ميليشيات بين الفينة والأخرى، ويتم إجبار هذه المؤسسات على الإقفال أو تأجيل الجلسات المقررة بالنسبة للبرلمان بسبب مواصلة المحتجين المسلحين حصارهم لها، وهو ما حدث بالنسبة لمباني وزارة الخارجية والداخلية والعدل، وأصبح التوتر في العلاقات بين الميليشيات المسلحة والحكومة في الأسابيع الأخيرة هو سيد الموقف.
العديد من المحللين يرجع سبب التوتر بين الحكومة الليبية والمليشيات المسلحة إلى حملة تقودها الحكومة، وتهدف إلى نزع سلاحها وإبعادها من مواقعها قرب العاصمة طرابلس، لكن المؤكد أن السبب أبعد من هذه الحملة، فالميليشيات المسلحة تعطي لنفسها الحق في مشاركة الحكومة قراراتها، اعتقاداً منها بأحقيتها في ذلك، فهي من أسقطت القذافي ونظامه، لذلك تريد أن تملي شروطها على الحكومة المنتخبة، وكذلك تريد أن تتحكم في التعيينات الحكومية بالنسبة للوزراء وكبار مسؤولي الدولة، ومحاكمة وإبعاد موظفي النظام السابق، وكأنها تتبع سياسة الإقصاء بدل التسامح والتآلف بين أبناء المجتمع الليبي، ولذلك أصبحت مطالب الميليشيات بغير الحوار، بل تهديداً بالسلاح وهو أمر في غاية الخطورة بالنسبة للدولة الليبية.
إن جمع السلاح من الميليشيات أمر في غاية الأهمية، فالمعروف أن السلاح يجب أن يكون في يد الدولة وهي المسؤولة عنه وعمن يسيطر عليه، وضمن مؤسساتها الأمنية والعسكرية، فالشعب الليبي انتخب مجلساً وطنياً عاماً (برلماناً) يمثله، وهو من يقرر موضوع السلاح، وضمن بنود الدستور الذي ارتضاه الليبيون، ولذلك لا بد من إعطاء المجلس الوطني العام الفرصة في تقرير مصير الميليشيات وانتشار السلاح، والاتفاق على احترام قرارات هذا المجلس، حفاظاً على استمرار ديمومة الدولة ومنع الجميع من الانزلاق للفوضى التي لن تبقي على أحد.
كان انعكاس انتشار السلاح وتصرفات المسلحين على استقرار ليبيا سلبياً، وكذلك على صورتها الذهنية أمام الرأي العام المحلي والعالمي، إذ أيد هذا الرأي انتفاضة الشعب الليبي على نظام القذافي، لكنه لا يريد أن يرى ميليشيات مسلحة تحل محل مؤسسات الدولة، وتنشر الفوضى في كل مكان، ما يجعل البلد يخسر الدعم الخارجي سواء أكان استثمارات أم تعاملات مع الحكومة الليبية، ونحن نعلم أن الدولة في هذا الوقت بالذات بحاجة إلى كل دعم خارجي، خصوصاً في مجال الحفاظ على تدفق المصدر الحيوي الوحيد في ليبيا وهو النفط، ولذلك فالقلق من عدم الاستقرار السياسي في ليبيا ناتج من أن يتأثر هذا المصدر الحيوي في ليبيا، والذي لن يتم تطويره والاستفادة منه من دون استقرار، ولن يستطيع الشعب الليبي الاستفادة من التنمية التي هو في حاجة ملحة لها الآن، علماً بأن هذا القطاع هو مطمع للدول الكبرى، والتي ستحاول أن تفرض شروط شركاتها في تطوير هذا القطاع إذا استمر عدم الاستقرار السياسي في ليبيا.
لقد كان الهجوم على السفارة الأميركية وقتل السفير الحادثة الأولى التي أقلقت الجميع من تأثير الميليشيات وانتشار السلاح على الحياة السياسية الليبية، وكذلك عززت حادثة السفارة الفرنسية قبل أسابيع القلق والخوف من تسيد الميليشيات المسلحة الموقف في ليبيا، ما جعل العديد من الدول تهدد بسحب بعثاتها الديبلوماسية، وهو مؤشر خطر بالنسبة لليبيا وشعبها، ويكرّس القلق والخوف على ليبيا من انفلات الوضع الأمني ويزداد هذا القلق يوماً بعد يوم، ما يجعل حل مشكلة انتشار السلاح والميليشيات أمراً في غاية الأهمية، وهو ما حذر منه العديد من الخبراء السياسيين والعسكريين، من استخدام القوة المسلحة لإسقاط نظام القذافي، وهو ما أثر لاحقاً في الدعم الغربي بإسقاط نظام الأسد عسكرياً خشية انتشار الأسلحة والمسلحين بعد سقوط النظام.
إن المقارنة بين التطورات السياسية في أوروبا الشرقية في التسعينات وثورات الربيع العربي، تبدو في غاية الأهمية، فالتغيير السياسي في أوروبا الشرقية حصل بسلاسة، ولم تحدث أية مواجهات مسلحة بين مختلف القوى السياسية فيها، لكن في المنطقة العربية يبدو أن التدخلات الخارجية، سواء أكانت سياسية أم عسكرية لها نتائج سلبية على التحولات السياسية، إضافة إلى عدم وجود نضج سياسي في القوى السياسية التي قادت هذه التحولات في دول الربيع.
إن عجز الحكومة الجديدة والمجلس الوطني العام في ليبيا عن تحقيق أي هدف من الأهداف التي قامت على أساسها الانتفاضة الليبية، وعجزه عن اتخاذ قرار حاسم بحل الميليشيات وجمع الأسلحة، جعل المشهد في ليبيا غاية في الضبابية، وشجع الميليشيات المسلحة على استهداف مؤسسات الدولة كلما أحست بقرار من الحكومة أو المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، يقضي بجمع السلاح ودمجها في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، ولذلك وبعد مضي عامين تقريباً على اندلاع الثورة الليبية لم نر خطوات ملموسة من المسؤولين في ليبيا تجاه بناء الدولة المدنية التي يطمح لها الليبيون بعد خلاصهم من القذافي.
ما تحتاج إليه ليبيا الآن هو الاستقرار والأمن والتنمية التي ينشدها المواطن الليبي، وبناء منظومة الدولة السياسية التي تشعر الليبي بالأمن والاستقرار، وتجعله يدافع عنها بكل ما يملك من قوة عن بلده لا أن يلجأ إلى حمل السلاح، وكذلك تحسين علاقاتها مع جميع الدول، خصوصاً المجاورة مثل مصر والجزائر وتونس، والاستفادة من التجربة السابقة في تجنب أخطاء الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.