أجمع مختصون وأمنيون وحقوقيون أن حملات تهريب المخدرات إلى المملكة تستهدف النيل من مكتسبات الوطن وتدمير شبابه. وقالوا ل «عكاظ» إن خطورة المخدرات تكمن في أنها سلاح يدمر المجتمع ببطء، وهو سلاح فتاك ويعد أحد أنواع الحروب الباردة التي يشنها الأعداء والذين لا يرجون الخير لهذا البلد. بداية أكد مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية عبدالإله الشريف أن المملكة مستهدفة برا وبحرا من مافيا المخدرات، مشيرا إلى وجود تعاون إقليمي ودولي بين المملكة والدول الأخرى لمكافحة آفة المخدرات. وقال إن مكافحة المخدرات تتحرك في ضوء المعلومات الواردة إليها، وأن المعلومة قد تصل خلال جهود الجهات الأمنية لجمع المعلومات داخل أو خارج البلاد، أو عبر التحقيقات الجارية مع أشخاص متعاطين لأحد أنواع المخدرات. وأضاف أن المديرية العامة لمكافحة المخدرات تقدم كل الدعم المعلوماتي الممكن والتعاون الدولي لمكافحة السموم، مشيرا إلى أن عمليات القبض على المهربين تتم ضمن تدابير استباقية، وعمليات وقائية. وقال: لا يتورع المهربون والمروجون من استخدام أي طريقة لإيصال ونقل السموم المخدرة إلى داخل حدود الوطن، لتدمير الوطن بإصابة شبابه في مقتل، كون تدمير الشباب هو تدمير وتخريب لحاضر الوطن ومستقبله. وختم بقوله: إن مشاهد تهريب السموم بأنواعها تجاوزت الحدود من حملة الاستهداف إلى الحرب المعلنة، إلى حرب الإبادة وحرب استنزاف الطاقات والموارد. من جهته قال البروفيسور محمود كسناوي، أستاذ علم الاجتماع إن المملكة تمتاز عن غيرها من الدول والمجتمعات في ما تعيشه من الأمن والأمان، وذلك بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين في الحفاظ على الأمن والأمان واستقرار المجتمع، ومن هذا المنطلق فإن مشكلات الأمن والأمان التي تعاني منها بعض الدول نجدها تقل بصورة كبيرة في المملكة، مقارنة بالدول الأخرى، ولكن مع سلبيات العولمة والغزو السلبي للقنوات الفضائية، والتأثر بعادات وتقاليد المجتمعات الأخرى بوجود محاولات تهريب المخدرات إلى المملكة بصورة لا اعتبرها كبيرة، ولكنها مؤثرة وخطيرة على الشباب وعلى الفرد وعلى المجتمع. ودعا إلى حماية الشباب من هذه مشكلة المخدرات عبر سلوك عدة أساليب: أولا: بالتربية السليمة، وتوفير مقاعد للدراسة الجامعية، وتوفير مجالات للعمل لمن ليس له عمل، بالاضافة إلى التوعية الإعلامية، وإلى متابعة تحركات الشباب داخلياً وخارجياً. ثانيا: ينبغي أن تكون هنالك شراكة توعوية بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الإعلامية لتوعية الأبناء بعدم الانخراط في مشكلات تهريب المخدرات، خاصة أن بعض الشباب يتأثرون بالإغراءات المادية، بالإضافة إلى أن للأسرة والمؤسسات أدوارا كبيرة في تربية الأبناء وفقاً للأخلاق الإسلامية الفاضلة، لتجنب الانخراط في تهريب المخدرات. ويتفق المحامي والمستشار القانوني المعروف الدكتور عبدالله مرعي بن محفوظ مع سابقيه في أن هناك استهدافا واضحا ومخططا لإيصال المخدرات إلى شباب الوطن وهي خطة لاستهداف مقدرات الوطن. وبين أن العمل الأمني لا يكفي بمفرده لمواجهة المخدرات، بل يحتاج إلى جهود وقائية وتوعوية مكثفة يشارك فيها كافة الجهات ذات العلاقة. وأشار إلى أن قضايا تهريب المخدرات تصاحبها عادة جرائم التجارة بالأسلحة وتهريبها، فضلا عن أن جل قضايا تهريب المخدرات، هي من أوجه جرائم غسل الأموال. وقال إن نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية صنف الأفعال الإجرامية في ما يتعلق بتهريب وجلب المواد المخدرة، ومنها تهريب المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو تلقيها من المهربين، وجلب المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو استيرادها أو تصديرها أو إنتاجها أو صنعها أو استخلاصها أو تحويلها أو استخراجها أو حيازتها أو إحرازها أو بيعها أو شراؤها أو توزيعها أو تسليمها أو تسلمها أو نقلها أو المقايضة بها أو تعاطيها أو الوساطة فيها أو تسهيل تعاطيها أو إهداؤها أو تمويلها أو التموين بها، فضلا عن جريمة غسل الأموال، كونها المحصلة لارتكاب أي جريمة من جرائم تهريب وترويج المخدرات. وختم بقوله إن العقوبات الأصلية شددت على أنه يعاقب بالقتل تعزيرا من ثبت شرعا بحقه تهريب مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية، تلقي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية من مهرب، جلب أو استيراد أو تصدير أو صنع أو إنتاج أو تحويل أو استخراج أو زراعة أو تلقي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بقصد الترويج في غير الأحوال المرخص بها. وقال الباحث الشرعي مصطفى هوساوي: إن دور الأسر يأتي في المرحلة الأولى في تكوين سلوك النشء إذ أن الأسرة هي التي يتلقى منها الشاب منذ مهده كل ما يحتاج إليه من أساليب الحياة، والتعامل مع الآخرين ونستطيع أن نربط كل الأسباب التي تفضي بالشباب إلى الضياع، والمستقبل المأساوي بتقصير الأسرة التي عمودها الأب والأم في التربية والتوجيه والإرشاد.. وسبب الاستعداء هو إدراكهم بأن الشباب هم طاقة الأمم وقوتها، وبضرب مصدر طاقة الأمم وقوتها يأتي لهم مرادهم في تدمير وغلبة من يتقصدون بمكائدهم.