برأت محكمة الاستئناف بجدة رجل الأعمال صلاح إدريس، ورجل أعمال آخر بحكم نهائي وقطعي كانا قد أدينا من المحكمة الإدارية في حكم ابتدائي بالتزوير والرشوة غير أنها رأت عدم صحة الاتهام وقررت الاستماع لأطراف القضية قبل أن تقرر تبرئتهما، وتثبيت إدانة ثلاثة متهمين في ذات القضية والتي ضمت خمسة متهمين أحدهم عمل رئيسا لكتابة عدل وآخر قاضيا قبل أن يتحول إلى مهنة المحاماة، إضافة لرجلي أعمال وموظف حكومي، واجهوا جميعا اتهامات بالرشوة والتزوير في صك أرض وتزويد كتابات عدل بوقائع كاذبة على أنها صحيحة. وبلغت مساحة الأرض محل الدعوى أكثر من 4.6 مليون متر مربع، واتهم كاتب العدل بإفراغ أرض من البائع وهو المتهم الثالث «رجل أعمال» للمشتري وهو رجل أعمال «المتهم الثاني»، واتهم المتهم الأول بتلقي 10 ملايين ريال رشوة من المتهم الرابع مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وإصداره صك أرض لا أساس له، كما وجهت إليه تهمة مساعدة المتهم الأول للإخلال بوظيفته، والمساهمة في ارتكاب المتهم الأول جريمة تزوير وتغيير وقائع صحيحة في الصك، بمساعدة المتهمين الثاني والثالث، ووساطة الرابع والخامس، وأدانتهما المحكمة الإدارية وحكمت على كاتب العدل بالسجن 7 سنوات والغرامة المالية مليون ريال، وعلى الثاني «رجل أعمال» 5 سنوات سجن ومليون ريال غرامة والثالث رجل أعمال بالسجن سنة واحدة والغرامة مليون ريال، والرابع «محام» بالسجن عاما والغرامة 10 آلاف ريال، والخامس بالسجن ثلاثة أعوام والغرامة 200 ريال. هذه الأحكام رفعت لمحكمة الاستئناف عقب اعتراض المتهمين عليها، وخلال المداولات في القضية ثبت أن المتهم الرابع استلم من المدعى عليه 60 مليون ريال شيكات متفرقة وبأسماء أشخاص عينهم المدعى عليه الرابع مقابل إخراج صك سليم للأرض المملوكة له أصلا بموجب مستمسكات شرعية وذلك بالطرق المتعارف عليها بين أصحاب العقار، إلا أنه لم يسلك المسلك السليم وصرف 10 ملايين ريال من المبلغ المذكور لموظف عام وهو المدعى عليه الأول، ولنتيجة ما دفعه قام المدعى عليه الأول بإنشاء صك لا أساس له تضمن معلومات كاذبة على أنها صحيحة وتطابقت أقوال المتهم الثاني في جميع مراحل التحقيق وجلسات القضية. وأشارت محكمة الاستئناف في حكمها إلى أنه ثبتت لديها مساهمة المتهم الرابع مع المدعى عليه الأول في جريمة التزوير المنسوبة إليهما وثبوت ارتكاب الرابع جريمة الرشوة وبصفته راشيا كونه مباشرا لأمر يعود عليه بالمصلحة الشخصية وهو التصرف في بقية المبلغ وقدره 50 مليون ريال، ولا يغير ذلك من كون بقية المبلغ بأسماء آخرين، حيث لم يثبت أن لأحدهم أي دور في المقابل الذي دفع، ولم يثبت أن المدعى عليه الثاني على معرفة بهم أو له تعامل سابق أو لاحق. وجاء في الحكم النهائي أن إعادة المبلغ تمت بعد أن اتضح أن الصك مزور بناء على مطالبة الثاني، وثبت لدى الدائرة أن دفع 10 ملايين ريال جاء على سبيل الرشوة للمدعى عليه الأول مقابل الصك المزور، وتضمن حكم الدائرة الأدلة الكافية على إدانته. وأشارت اللجنة القضائية إلى إدانة المتهم الخامس كون الشيك محل الرشوة كان باسمه، وأن المبلغ كاملا قد آل إلى المدعى عليه الأول ودفع ثمنا لعمارة اشتراها، لكونه يرتبط بالمتهم الأول بصلة قرابة، مما يتأكد معه اطمئنانه إليه والتمويه بأخذ المبلغ باسمه. وتضمن الحكم تأييد أقوال المتهم الثاني أمام الدائرة بأنه دفع 60 مليون ريال للمتهم الرابع وأحضر المتهم الثالث لإفراغ الأرض باسمه بناء على طلب المتهم الرابع. أما بخصوص المتهم الثالث فقد ثبت لدى الدائرة أن الإفراغ للأرض تم صوريا للمتهم الثاني والذي يملك الأرض حقيقة، والصورية في مثل هذه العقود هي عين الحقيقة وبذلك ينتفى عنها وصف التزوير المنسوب إليه في الدعوى، خاصة أنه لم يثبت حصول أي مساهمة مادية في موضوع تزوير الصك محل الدعوى، ما يثبت براءة الثاني صاحب الأرض. وقررت المحكمة نقض الحكم الصادر ضد المتهم الثاني والثالث، والقضاء بعدم إدانتهما بما هو منسوب إليهما من تهم في الدعوى، وتعديل الحكم المذكور ضد المتهم الرابع من جريمة الوساطة إلى جريمة الرشوة كراشٍ ومعاقبته عن ذلك بسجنه سنة تحسب من مده توقيفه وتغريمه مليون ريال. وأيدت المحكمة حكم إدانة المتهم الأول وتعديل العقوبة في حقه بسجنه سنة تحسب منها مدة توقيفه وتغريمه مليون ريال مع وقف تنفيذ عقوبة السجن كونه مصابا بعدة أمراض منها السكري وضغط الدم والبدانة المفرطة والقلب وارتفاع كمية الدهون بالجسم، وقررت المحكمة تعديل الحكم في حق المدعي عليه الخامس ليصبح إدانته ومعاقبته بغرامة 200 ألف ريال. وأكد عصام الدين دهب المستشار القانوني لرجل الأعمال الذي تمت تبرئته بحكم قطعي ونهائي، أن هذا الحكم يؤكد عدالة ونزاهة القضاء السعودي، ليس لأنه جاء بالبراءة وفق ما تمنينا وسعينا له في الاستئناف، وإنما لأنه أحق الحق ورد الاعتبار بحكم عادل ومقنع. وأضاف: موكلنا كان على قناعة بأن الحق سيتحقق طال الزمن أم قصر وذلك لثقته في براءته وقناعته بأن الحق لا يبطله شيء،