أدانت المحكمة الإدارية بجدة، كاتب ضبط ورجل أعمال وعددا من الموظفين الحكوميين في كتابة عدل، بإصدار 4 صكوك مزورة لأراض في منطقة مكةالمكرمة تزيد مساحتها على 1.6 مليون متر مربع، وأصدرت أحكاما بالسجن على المتهمين فترة تتراوح بين سنة و5 سنوات مع غرامات تتراوح بين 10 آلاف و300 ألف ريال، وعدم إدانة أربعة متهمين من ضمنهم كاتب العدل. وحكمت المحكمة على أحد المتهمين وهو صياد سمك استغلت بطاقته الوطنية في إصدار صك لكبر سنه بالسجن عاما وتغريمه عشرة آلاف ريال مع عدم التنفيذ، وكان من ضمن من صدرت لهم أحكام بعدم الإدانة أحد الصم والبكم. وكانت الجلسة الأخيرة قد شهدت حوارا ساخنا بين ناظر القضية وأطرافها، حيث أصر كاتب الضبط على براءته من التهم التي سيقت ضده وهي تزوير أربعة صكوك في جبل خندمة والجعرانة وجنوبي جدة ومدركة، ورفض المتهم اتهامه بمناصفته مبلغ رشوة مع كاتب العدل المتهم في ذات القضية. ورد المتهم على شهادات 4 من زملائه بأنه تسلم رشاوى لاستخراج صكوك غير نظامية، فقال: «لا أعلم عنها شيئا»، وردا على شهادة زميله في المحكمة بأن إفراغ الصكوك تم في منزله وليس في كتابة العدل، أفاد المتهم أنه اتخذ الإجراء النظامي لتسجيل الصك، بعد أن وصله خطاب من رئيس المحكمة وخطاب من إدارة السجلات وبعض القضاة. وحول شهادة كاتب العدل ضده بأنه ذهب إليه وتشفع لأجل الصكوك المزورة، رد: «أقوال كاتب العدل غير صحيحة»، منكرا أقواله التي أدلى بها خلال مواجهته بكاتب العدل، والتي أقر فيها بتفاصيل تسلمه رشوة مقدارها 800 ألف ريال تقاسمها مع كاتب العدل. كما أنكر المتهم أقوال زميله في المحكمة، والمتضمنة تسليم مبلغ الرشوة له، وبمواجهته بأقوال المتهم الرابع (وسيط وصاحب مكتب عقاري) بتسليمه مبلغ الرشوة، أنكر أقواله، وبين أنه لا يعلم عن ذلك شيئا، وتراجع عن أقواله في التحقيقات المتضمنة بأن الصك ولد في أسبوع واحد. وحول لقائه المتهم الرابع وهو وسيط عقاري ورجل أعمال، أشار المتهم إلى أنه لم يحدث ذلك، فسأله القاضي: «كيف تنكره وقد صادقت عليه شرعا وقلت فيه أنك التقيت المتهم الرابع خلف أحد المجمعات التسويقية، وعرض عليك الصك والذي أشرت إليه إلى أنه وليد الأسبوع، وعرض عليك المشاركة في إفراغه مقابل رشوة»، وأجاب المتهم: «أجبرت على ذلك وتم إكراهي عليه»، وسأله القاضي: «كيف تم إكراهك وقد صادقت عليه لدى قاض شرعي ؟ وهل لديك ما يثبت إكراهك، وأنك فعليا أفرغت ثلاثة صكوك مزورة»، وأجابه المتهم الأول: «نعم تم ذلك بتوجيه من الشيخ وهو كاتب العدل (المتهم الثاني)». القاضي: لكنها غير صحيحة ومزورة. المتهم: لم أعرف ذلك إلا لاحقا وكانت أوراق نظامية في مظهرها. القاضي: أنت صاحب خبرة كبيرة في كتابات العدل كيف لم تكتشف أن الأوراق مزورة ؟. المتهم: لا أعلم وتمر علي يوميا عشرات الصكوك ولم أكتشف ذلك. القاضي: المتهم الثاني كاتب العدل اتهمك بأنك شفعت في أحد الصكوك. المتهم: هذا غير صحيح وقد يكون قصد بذلك دفع الاتهام عنه. القاضي: ولكن هناك شاهدا آخر في السجلات اتهمك بمحاولة الحصول على الصك منه بطريقة شخصية، هل يجيز لك النظام الحصول على الصك مناولة. المتهم: نعم النظام يجيز ذلك، ونعمل على ذلك في كتابة العدل. القاضي: ولكن هناك مواجهة حدثت بينك وبين المتهم الثاني أصريت خلالها على أنك حصلت على الرشوة وتقاسمت معه مبلغها مقابل إفراغ الصكوك. المتهم: نعم حدث ذلك. القاضي: هناك اعتراف ضدك من المتهم الثالث وهو موظف في كتابة عدل أبلغ أنك تقاضيت الرشوة وتقاسمتها مع المتهم الثاني. المتهم: هذا الأمر غير صحيح. القاضي: ماذا تقول عن المتهم الرابع (رجل أعمال) والذي أكد أنك تلقيت منه مبالغ مالية مقابل إفراغ هذه الصكوك المزورة. المتهم: غير صحيح. القاضي: هل يوجد لديك ما يثبت عدم صحة ذلك ؟. المتهم: لا. بعد ذلك مثل المتهم الثاني وهو كاتب عدل سأله ناظر القضية عن كيفية إفراغ الصكوك المزورة، فأجاب: «لم أكن أعلم أنها مزورة، إلا حينما وصلتني الإفادة الثانية من رئاسة كتابة المحكمة، وأمر فيها بإيقاف المعاملة للأراضي، وأنه لا وسيلة هناك لمعرفة أن الصك مزور إلا من خلال رئاسة المحكمة التي يمكنها أن تقيم الصكوك، وخاطبت رئيس كتابة عدل بهذا الخصوص، وأفادني أنه ليس لديه أية وسيلة لمعرفة الصك المزور إلا عن طريق المحكمة ذاتها». القاضي: ولكن أحد الشهود أكد أنك وجهت بتسليم صك لصاحبه رغم أنك في إجازة. المتهم الثاني: نعم حدث ذلك، ولكن كان الصك مكتملا ولا حاجة له ليبقى. القاضي: ولكن هل يعقل أنك لم تكتشف أن الصكوك مزورة ؟. المتهم: لم أعلم، وقد وصلتني محالة من رئيس الكتابة كما هو معتاد وقد سلمتها بعد النظر فيها لكاتب الضبط والذي تولى الإفراغ بدوره، ولم أعلم أنها مزورة إلا بعد الإفراغ وقمت بإلغاء التوقيعات بعد ذلك. الجلسة تواصلت بمثول المتهم الثالث وكان يعمل في السجلات الخاصة بكتابة عدل، سأله ناظر القضية عن اعترافه ليشير إلى أن ذلك غير صحيح، مضيفا: «لو أردت أن أزور أية معاملة لفعلت، خاصة أنني كنت أداوم لوحدي ساعات طويلة، ولم أقدم على ذلك طوال عمري وسمعتي معروفة لدى الجميع، ولو تلوثت لما بقيت ساعة واحدة في كتابة عدل». من جهته، أنكر المتهم الرابع تزوير الصكوك، مطالبا بالبت في القضية قبل أن يمثل المتهم الخامس، وهو رجل أعمال متهم بتقديم رشوة مقابل استخراج صكوك للأراضي التي يمتلكها بدون أوراق رسمية في جبل خندمة ومساحتها 91 ألف متر مربع بقيمة تتجاوز 90 مليون ريال، وقال: «جاءني شخص أخبرني أنه باستطاعته إصدار صك على أراض تخص والدي وطلب مقابل ذلك نصف الأرض فوافقت على ذلك». القاضي: هل يتصور عاقل أن يتنازل شخص طواعية عن نصف أرض تتجاوز قيمتها 90 مليون ريال مقابل أن يصدر صكا من شخص لا يعرفه ؟. المتهم: هذا ما حدث. القاضي: ولكنك لا تملك الأرض حتى تمنحه نصفها ؟ هل يعقل ذلك ؟. المتهم: الأرض لوالدي وهبها لي، ولدي شهود على ذلك. القاضي: وهل يكفي شهود لامتلاك أرض بهذه المساحة والقيمة ؟. المتهم: هذا ما لدي. بعد ذلك سأل القاضي المتهم السادس: أنت أيضا منحت شخصا نصف أرض تزعم أنك تملكها مقابل الحصول على صك لها، فكم مساحة الأرض ؟. المتهم: الأرض مساحتها 600 ألف متر مربع، وعرض علي الشخص ووافقت مقابل الحصول على صك لها، والجميع يقوم بذلك حيث يمنحون نصف الأرض مقابل الحصول على الصك. القاضي: كيف تمنحه أرضا لا تملكها ؟ وكان يمكن أن تستخرج لها صكا بنفسك دون خسارة نصف الأرض. المتهم: الأرض أملكها منذ 20 عاما ولا تزال تحت يدي حتى اليوم وقد أحيتها إحياء شرعيا. وقائع القضية تواصلت بالاستماع لإفادة المتهم السابع فقال: «لا أملك أرضا ولم أدفع ريالا لشراء أي أرض، وعرض علي ابن أخي (المتهم التاسع) توكيله وأخذ مني هويتي وقام هو بإصدار صك باسمي ولم أحصل على ريال واحد مقابل ذلك ولا علم لي بها». وقال المتهم الثامن موظف في كتابة عدل: «حضر المتهم الأول إلي وهو يحمل صكا طلب مني توقيعه من رئيس الكتابة، وأدخله إلي كونه يعمل مراسلا، وكان ذلك يوم الأربعاء وفي يوم السبت تفاجأت بوجود اسمي على سجلات المعاملة، كوني استلمتها، ودون ذلك المتهم». من جانبه، قال المتهم التاسع: «طلب مني أحد المتهمين بنسجيل أرض باسم أحد كبار السن (عم المتهم السابع) لإبعاد الشبهات عن الصك، ووافقت على ذلك مقابل أن أحصل على 10 % من قيمة الأرض». المتهم العاشر وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة أكد عدم اشتراكه في جريمة الرشوة والتزوير، وتمت ترجمة أقواله من قبل زميله. وأكد المتهم الحادي عشر موظف بالصادر في كتابة عدل على أنه تسلم المعاملة من المتهم الثامن، ولكنه لا يعلم أن الصك مزور، مضيفا: «مهمتي هي تسلم الصك ومن ثم كتابة اسم الشيخ عليه ومن ثم يوجه لرئيس الكتابة بهدف إرساله بعد ذلك للمحكمة للتأكد منه». وقال المتهم الثاني عشر والأخير: «حضر لنا في منطقة الليث شخص أبلغنا أنه باستطاعته إصدار صك على أراض جنوبي جدة، وقمنا بتوكيله، أما أنا لا بعت ولا اشتريت، وقد وكلته وحضرنا إلى مكتب في مكةالمكرمة يخص المتهم الرابع، ووقعنا في حينه على أوراق تشير إلى أنه استخرج من كتابة مدركة، ونحن لا نقرأ ولا نكتب، وشكينا في الأمر وقمنا بإلغاء الوكالة ولم نستلم مقابل ذلك لا أرضا ولا أموالا». وحكم على المتهم الأول (كاتب ضبط) بإدانته بجريمة التزوير والرشوة وسجنه خمس سنوات و 300 ألف ريال غرامة كعقوبة تعزيرية. المتهم الثاني عدم إدانة في جريمة الرشوة والتزوير، المتهم الثالث السجن 3 سنين وغرامة مالية 20 ألف ريال، الرابع عامين سجن وغرامة 10 آلاف ريال، الخامس إدانة بالرشوة وحكم بالسجن 3 أعوام وغرامة 20 ألف ريال، السادس عدم إدانة بجريمة الرشوة، السابع صياد سمك إدانة بالسجن عامين والغرامة المالية 10 آلاف ريال وقد تم إيقاف الحكم عنه نظرا لكبر سنه، الثامن إدانة عامين سجن وغرامة 10 آلاف ريال، التاسع سنتين سجن وغرامة 10 آلاف ريال، العاشر من ذوي الاحتياجات الخاصة يعمل في كتابة عدل عدم إدانة. الحادي عشر يعمل في كتابة عدل عدم إدانة، المتهم الثاني عشر رجل أعمال عدم إدانة.