تطوير التعاون السعودي الأمريكي بقطاع التعدين    السوق السعودي يغلق على ارتفاع    "واتساب" تمنع الآخر من تخزين صورك وفيديوهاتك    بعد قرار مفاجئ.. إلقاء مدير مستشفى في حاوية قمامة    السودان يدخل عامه الثالث من الحرب وسط أوضاع إنسانية كارثية.. مكاسب ميدانية للجيش و"الدعم" ترد بمجازر دامية في الفاشر    مها الحملي تتألق في رالي الأردن وتحقق المركز الثاني عالميًا    الجبير ومسؤول أوروبي يستعرضان التعاون المشترك    في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وباريس لحسم التأهل أمام دورتموند وأستون فيلا    4 أيام على انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية    59 بلاغًا عن آبار مهجورة في القصيم    السبتي: جودة التعليم أولوية وطنية ومحرك رئيس للازدهار    أكد ضرورة الاهتمام بالمتميزين في المنطقة.. أمير الرياض: مليون ريال دعم سنوي لجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع    الشرطي الشبح    تحت رعاية خادم الحرمين.. أمير منطقة الرياض يكرم الفائزين بجائزة الملك فيصل لعام 2025    الحقيقة التي لا نشاهدها    انعدام الرغبة    لا تخف    تعاون مثمر    الذهب يتراجع من أعلى مستوياته التاريخية وسط تزايد الإقبال على المخاطرة    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين "علم الصحراء 10"    ارتفاع أسعار النفط عند التسوية    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة فيحان بن ربيعان    عدنان إبراهيم    محطة أرضية للطائرات المسيرة    زهور حول العالم    %13 نمو ممارسة السعوديين للألعاب الشعبية    الدرعية بطلاً لدوري الدرجة الثانية على حساب العلا    رونالدو يتوج بجائزة هدف الجولة 27 في دوري روشن للمحترفين    10 سنوات على تأسيس ملتقى أسبار    5 مكاسب بتبني NFC في الممارسة الصيدلانية    نادي الثقافة والفنون في جازان يحتفي بعيد الفطر في أمسية شعرية من أجمل أماسي الشعر    طرح الدفعة الثانية من تذاكر الأدوار النهائية لدوري أبطال آسيا للنخبة    تفوق ChatGPT يغير السباق الرقمي    5 مميزات خفية في Gemini    الفلورايد تزيد التوحد %500    تأثير وضعية النوم على الصحة    دول غربية تعالج التوتر بالطيور والأشجار    ‏برنامج الإفتاء والشباب في مركز تدريب الأمن العام بمنطقة جازان    (16) موهوبة تحول جازان إلى كرنفال استثنائي    كوزمين: مرتدات التعاون تقلقني    سمو وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية سوريا    جلوي بن عبدالعزيز يعتمد هيكل الإعلام والاتصال المؤسسي بإمارة نجران    "الشورى" يقر نظاماً مقترحاً لرعاية الموهوبين    «حماس» توافق مبدئيًا على توسيع صفقة الأسرى.. انفراجة محتملة بالمفاوضات    الأمم المتحدة تدين الهجمات على مخيمات النازحين بالسودان    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    دعوة المنشآت الغذائية للالتزام بالاشتراطات الصحية    القبض على مواطن لتكسيره زجاج مواقع انتظار حافلات في الرياض    جمعية البر بأبها تعقد اجتماع جمعيتها العمومية    وزارة البلديات وأمانة الشرقية و وبرنامج الأمم المتحدة يطلعون على مبادرات التطوير والتحول البلدي    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    وقفات مع الحج والعمرة    مدير فرع الهلال الأحمر يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأنهُ مخضَّبٌ بالنوارس
نشر في عكاظ يوم 03 - 05 - 2014

لا أحتاج إلى أكثر من ربيع عاشق هادئ وإلى أكثر من رواية جميلة لماركيز.. منذ سنوات وأنا أردد هذا الكلام الخفي بيني وبين نفسي.. أعترف أنني لم أقرأ كل مؤلفات الروائي الكولومبي المدهش غابرييل غارسيا ماركيز.. ولكنني شغفت بعالمه ولغته أيما شغف.. قرأت له خمسة أو ستة روايات من معجزه الفذ.. منها ملحمته مئة عام من العزلة وذاكرة غانياتي الحزينات وقصة موت معلن.. لكني لا أستطيع التعبير عن الجماليات السامية واللذات الروحية المتأتية عبر قراءته.. الذي قرأ ماركيز بقلبه الحي المتفتح كزهرة صبار في العاصفة لا يقوى على نسيانه أبدا.. هو أحد السحرة الرائعين القادرين على إخراجك من دوامة حياتك بخفة غيمة وإدخالك عوالم خيالية سحرية وخالية أيضا من الهم والقلقِ الحقيقيين.. أعترف بكل حب أن من امتص بوعيه رذاذ ماركيز الضوئي لا يقوى على الحلم الآن.. ليس أمامه سوى أن يصمت.. أو يتأمل الفراشات الصفراء التي فاضت من سماء ماكوندو الذهبية.. ماذا سأفعل من دونِ ماركيز؟، ماذا سأقرأ؟، ماذا سأقول؟، أما كان في العمر متسع كي أتم قراءته؟، أو أعيد قراءة مئة عام من العزلة من جديد في أوج هذا الربيع..؟، أرخت لحياتي مرة بقراءة كتبه.. السنة التي قرأته فيها ليست كبقية السنوات.. كان لها طعم خاص.. ملمس خاص.. عبير خاص.. دفق يشبه وسوسة الندى الصيفي في زهرة عباد الشمس.
في الاسبانية هناك إثنان.. سرفانتس وماركيز.. هما بالنسبة لشعبيهما أكثر من كاتبين. خالطني مرة شعور أن ماركيز خلط عوالم ألف ليلة وليلة وأساطير أمريكا اللاتينية بمهارة أدبية خارقة.. أو حاول بحذقٍ ماهر أيضا إتمام ما توقف عنده سرفانتس من سرد غرائبي يحلق بجناحي الواقعية السحرية.
قراءتي لماركيز فيها نوع خاص من الرهبنة والانقطاع شبه التام عن المشاغل المحيطة.. قليل من الكتاب من يفعل فعله في ذهنية قارئه المتلقي.. أو يضرب سورا من الحميمية بينه وبين عالمه المحيط.. لا أعرف.. هذا الكاتب خيمياؤه غريبة.. تقول الفتاة البرازيلية لزميلها العربي في محطة القطار.. كيف لو قرأته بالإسبانية؟!. لا تتقصدي تعذيبي.. يجيبها.. هل لو قرأته بالإسبانية كنت سأحصل على أكثر من هذا السحر في ترجمة صالح علماني؟!.
لا أستطيع نسيانه.. فمنذ أن حملني في ذاكرة غانياته الحزينات وقبلها في مئة عام من العزلة إلى أعلى قمة للكثافة التعبيرية والإيحائية.. منذ أن أبحر بي في بحر بلا ماء وأنا لا أستطيع الهبوط ثانية من الأولمب التصويري الخارق، لا أستطيع حتى المحاولة أو التفكير في النزول الصعب والمرهق.
أنجز ماركيز ملحمته العظيمة مئة عام من العزلة في ثلاثة أشهر بعدما اختزن بكل عوالمها وتجلياتها وأحداثها وأظنها كانت مدة كافية بعدما عاش التجربة الروحية لروايته الخالدة وتمثل شخوصها.. وأظنه كان يكتب بلا انقطاع واصلا الليل بالنهارِ ذلك النص الحقيقي العميق الشبيه بالوثيقة السرية.. النص المشتعل بأوار الشوقِ إلى البساطة والحرية وصراخ كلمة لا في وجه الظلم والعبودية..
كل نص عظيم هو الذي يأتي من حنايا الطفولة.. أو شغاف الحلم.. أو أقصى الحنينِ إلى الغياب الضروري لاستشعار الخسران.. كأنه مخضب بزرقة النوارس البعيدة تماما كنص مئة عام من العزلة.. وماركيز الذي سحر بلغته هو ذلك الطفل الأبدي المبقع بنور الحبر السماوي.. والذي يعيش في طفولته مخضبا بالأوهام والأحلام والعبث الضعيف الهش.. وبوجع مستقبله الإنساني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.