تمر الأندية السعودية وبالأخص أندية المقدمة التي باتت مصاريفها تقدر بمئات الملايين بمنعطف هام في تاريخ استثمارها الرياضي، ولعله الأبرز في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الأندية تعاني شح المادة وابتعاد الراعي والشريك الاستراتيجي. وإذا ما نظرنا في أندية الاتحاد والأهلي والشباب والنصر فإن حالتها المادية غير جيدة بعد انتهاء عقد الرعاية الخاص مع الاتصالات السعودية التي ظلت شريكة لهم طيلة الخمس سنوات الماضية، بمبلغ يتراوح مابين 38 إلى 45 مليون ريال عن الموسم. وتواجه الأندية الأربعة على وجه الخصوص عجزا ماديا كبيرا خلال الموسم الجاري بعد انتهاء عقد الاتصالات السعودية بعد أن كانت تعتمد بما يقارب 50% من مصاريفها على دفعات الشركة وتتنوع بقية المداخيل مابين تبرعات أعضاء شرف وإعانات احتراف وتذاكر المباريات وغيرها، مما لايشكل 10% من النسبة الباقية. ومع ازدياد أزمة ابتعاد الرعاة يظل الهلال وحيدا يصارع نفسه بين الرعاة إذ يعكف رئيسه الحالي الأمير عبد الرحمن بن مساعد على إبرام عدد من عقود الرعاية للفريق في الموسم القادم بعد نهاية عقد الشريك الاستراتيجي للفريق «موبايلي»، إذ تنوي إدارة الهلال توقيع عدة عقود. أبطال الدوري بلا رعاة وشهدت الأندية السعودية هذا الموسم حالة عدم استقرار على المستوى المادي، وتذبذبت خلال مجريات الموسم بعد أن اتضح ذلك مع ارتفاع أسعار اللاعبين ورغبة الأندية في توقيع العقود العالية المرضية لأنصار الفريق. ولنا في الفتح خلال الموسم الماضي مثال بعد أن تمكن من تحقيق لقب دوري زين للمحترفين وافتتح هذا الموسم بكأس السوبر السعودي إلا أنه عانى من قلة الرعاة واكتفى بعقود بسيطة تساهم بشكلٍ بسيط في قيادة دفة الفريق للموسم الرياضي الحالي. والحال ينطبق على بطل هذا العام فريق النصر الذي لم ينجح حتى الآن في التوصل مع شريك يقلل من المصاريف والتكاليف الملقاة على عاتق رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي، ولم يتوصل النادي لأي اتفاق مع شركات الاستثمار بالرغم من اتفاقه المبدئي مع العديد من الشركات إلا أن أحلامه تلاشت في ذلك، ليكتفي كغيره من الأندية بتسويق تذاكر مبارياته عبر شركة صلة. واعتمد الفريق البطل هذا الموسم بشكلٍ كبير على دعم رئيس ناديه فيصل بن تركي بالإضافة لبعض المبالغ المقدمة من أعضاء الشرف التي تركزت على تجهيز مجالس الجمهور وتوفير مكافآت المباريات. وفي النظر للنادي الأهلي الذي لا يقل حالا عن سابقيه، بقيت أموره معلقة على رئيسه الفخري الأمير خالد بن عبدالله وبعض الأعضاء بعد نهاية العقد السابق مع الاتصالات السعودية، وسعي الإدارة لأجل إيجاد البديل إلا أنها عادت وخاطبت الاتصالات السعودية رغبة منها في تجديد العقد إلا أن ذات الشركة أعاقت التجديد بالعديد من الاشتراطات التي من أهمها تخفيض المبلغ. الاتحاد الذي كانت فرصته أكبر في هذا الجانب بعد قرار تشكيل لجنة استثمارية لبحث موضوع رعاية الأندية، إلا أنها سرعان ما توقفت وأثبتت استحالة حصول الرعاية في الوقت القريب، حيث عانى اتحاد جدة كثيرا من المادة وابتعاد الداعمين الحقيقيين للنادي، بالرغم من تشكيل لجنة خاصة في هذا الجانب تسلمها العضو السابق عبدالله باخشب واجتماعاته المتكررة مع إحدى شركات الاتصالات إلا أن محاولاته باءت بالفشل بعد أن ارتطم بالعديد من الشروط الصعبة من الطرف الآخر. الشباب والرائد والتعاون وبقية الأندية، لم ولن تكن أفضل من حال سابقيهم إذا ما أخذنا بالحسبان العوامل المساعدة على نجاح الاستثمار وبرامج الرعاية، إلا أن ثمة مواضيع تضع علامات استفهام حول ذهاب المستثمر العربي والسعودي بشكل خاص للدوريات والأندية الأوروبية، بعد انتشار هذه الظاهرة مؤخرا في الملاعب العالمية، أمثال طيران الإمارات ورويال الإمارات بالإضافة للعديد من الشركات والشخصيات السياسية التي دخلت الاستثمار الأوروبي. التفاهم والفهم معدومان برشلونة، ريال مدريد، أي سي ميلان، مانشستر يونايتد، خيتافي، مانشستر سيتي، شيفيلد يونايتد، هامبورغ، أرسنال.. والعديد من الأندية استفادت من ذلك النزوح المالي، وحول هذا الموضوع أكد مدير شركة صلة المستثمرة في المجال الرياضي أحمد صادق دياب بأنه لايوجد عزوف من قبل الشركات لرعاية الأندية إنما هناك بطؤ في طريقة عرض المنتج الذي يخدم الطرفين ومع الأسف الشديد فإن معظم الأندية تنظر للاستثمار الرياضي نظرة استهلاكية بمعنى أن يكون مردودا ماديا فقط بينما الاستثمار من وجهة نظر الشركات هو شراكة بطريقة أو بأخرى للاستفادة من هذا الاستثمار بحيث يكون هناك فائدة للطرفين وليست عملية دعم مادي للأندية فقط. وأضاف: صحيح المبالغ الواردة للنادي ستساعده على تحقيق الكثير من طموحاته لكن من الناحية الثانية يجب على النادي أن ينظر إلى شريكه الاستراتيجي بنظرة متساوية في الفائدة فعليه أن يمنحه هذه الفوائد التي يبحث عنها من هذه الشراكة، وللأسف الشديد نحن نفتقر إلى النظرة الصحيحة للاستثمار الرياضي من قبل الأندية وليس من قبل الشركات فالشركات بشكل عام ترغب وتتمنى أن تدخل في هذا المجال، ولكن أعتقد بأن الظروف المحيطة بالاستثمار الرياضي لاتزال في بداياتها ولم تتبلور بعد لتكون جاذبا قويا للمستثمر السعودي والشركات الباحثة في الدخول في هذا الوسط. وعن هجرة بعض الشركات السعودية لرعاية بعض الأندية الأوروبية في الخارج: ليس هناك هجرة إنما الوعي الاستثماري لدى الكثير من الشركات السعودية في الاستثمار الرياضي لم يصل إلى الدرجة المطلوبة فهو لايزال في بداياته بالرغم من أنه مر أكثر من (6) سنوات منذ بدأت الطفرة الاستثمارية في هذا الجانب والدليل على ذلك أن الكثير من الأندية السعودية بدأت تتجه إلى الخليج للحصول على شركات كبرى لرعايتها ومشاركتها في الاستثمار الرياضي وهذا ليس عيبا ولاقصورا في الشركات السعودية إنما توسيع قاعدة الاختيار لأن هذه القاعدة مبنية على العرض والطلب. وتابع قائلا: أعتقد بأن الإخوة في الخليج لديهم خبرة أكثر مما نملك في هذا المجال وربما خروج الشركات السعودية للخارج مثل شركة الاتصالات السعودية لرعاية ريال مدريد وعدد من الشركات الأخرى ليس عيبا لأنه في نهاية الأمر فهذه الشركات ليست ضمانا اجتماعيا فهي تبحث عن مصلحتها في المردود المادي فالوعي لدينا لم يكتمل في هذا الموضوع فالاستثمار يحتاج إلى مرحلة توعوية شاملة للأندية والعاملين فيها والجماهير السعودية فالعملية عملية تكاملية تصب لمصلحة الرياضة بشكل عام وزيادة مستوى المنافسة لأن عصب الرياضة هو المال والمال لايأتي بسهولة. وحول عدم وجود راعٍ حتى الآن لبطل الدوري فريق النصر هذا غير صحيح أنه لم يحصل على راعٍ لأن الموسم لم ينتهِ بعد فأي شركة لن تأتي إلا في بداية الموسم ونحن لانعلم ماالذي يدور في الخفاء لأن عادة مثل هذه المفاوضات لاتحصل في يوم أو يومين بل تمتد إلى شهور فقد يكون هناك مفاوضات من الجانب النصراوي مع عدة شركات ولكنه يختار الأفضل له في الوقت المناسب.. وعن مدى تأثر الكرة السعودية ومعاناتها في موضوع الرعاية: قال بلاشك سيؤثر ذلك حتما على الكرة السعودية وسيعمل فجوة بين الأندية الكبيرة والمتوسطة وهذه الفجوة ليست في صالح الكرة السعودية على الإطلاق.