عند سماع الناس عن إقرار نظام يعاقب الرجل بمبلغ لا يتجاوز 50 ألف ريال ولا يقل عن خمسة آلاف ريال؛ إذا ضرب الرجل زوجته، وبالسجن لمده لا تقل عن شهر ولا تزيد على عام، وفي حال تكرار الضرب فإن العقوبة تتضاعف، ويشمل هذا النظام كل من يقع تحت سلطة أو كفالة أو وصاية الرجل ويتعرض للإيذاء الجسدي أو الجنسي أو غيرها من أنواع الإيذاء المنصوص عليها، لقي النظام ترحيبا واسعا لدى أوساط النساء عامة وأوساط بعض الرجال المترفعين عن ضرب زوجاتهم بدون الحاجة لأنظمة، وتهكم البعض عليه وتندروا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الهواتف الذكية ممن رأوا في النظام فرصة للتندر والضحك وفقا لأهوائهم وربما شيمهم. إن العنف ضد المرأة لا يسبب لها إيذاء جسديا فقط، بل يشمل إيذاءها نفسيا، وهذا قد يكون له مخاطر كثيرة؛ لما له من تبعات سلبية تؤثر على حياة المرأة الأسرية والاجتماعية والعملية. وقد لوحظ أن هذه الظاهرة انتشرت بشكل واسع في السنوات القليلة الماضية، حيث تزايدت معدلات الطلاق وقضايا التعنيف في المحاكم، وأرجع السبب من وجهة نظري إلى أن المرأة في وقتنا الحالي لم تعد تتقبل العنف ولا تخضع للرجل كما في السابق، حيث كان للرجل سلطة ذكورية قهرية عليها في جميع جوانب حياتها؛ وذلك بسبب خوف المرأة من الرجل وجهلها بحقوقها وواجبات الرجل تجاهها. أما مع إدراكها ووعيها بحقوقها على الزوج وعلى المجتمع، فهذا جعلها في مواجهة مريرة وعسيرة مع بعض الذكور المتعصبين وغير المتقبلين للوضع، والذين يعللون ذلك بأنه تحرر وعصيان من قبل المرأة، وينسون أو يتناسون أنها نصفهم الآخر، بل إنه لا تستقيم الحياة بدونها، ولها الحق بأن تقدر وأن تعطى الاهتمام اللازم واللائق بها. وعن الإجراءات التي من الممكن أن تساعد في تطبيق القرار على وجهه الأتم، هو تطبيقه الفعلي على أرض الواقع، ولا بد من مواجهة أي صعوبات وعراقيل بشدة وبحلول مناسبة، وأيضا بتدريب القائمين على تنفيذ النظام واطلاعهم على بنود النظام واللوائح التنفيذية، وتوعية وإرشاد النساء بحقوقهن والتصدي للجهل وللمعتقدات والعادات الاجتماعية التي تجبرهن على التنازل عن حقوقهن. هذا كله جميل، ويسعى إلى تعديل السلوكيات الخاطئة وتعريف المرأة بحقها ويجعلها أكثر جرأة على المطالبة به، لكن هنا يأتي سؤالي للرجل: لماذا ترى أن في تعنيف المرأة والضغط عليها وضربها حقا شرعيا لك ؟! اليس لنا في كلام الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم خير دليل ينافي هذه الرؤية الضيقة، حيث قال «لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم». لقد نص الشرع على من استدعته الظروف لتأديب زوجته بضربها بعود من خشب بحجم السواك ليكون بمثابة تعبير عن استياء الرجل وعتبه أو غضبه من زوجته، لكن بعض الجهلة من بعض الرجال أصحاب الفكر المتحجر، استغلوا كلمة الضرب، وأوسعوا زوجاتهم الضعيفات ضربا مبرحا لدرجة إصابتها بعاهات أو إصابات خطيرة وقد تؤدي لوفاتها، فهل هذا ما نص عليه ديننا الحنيف ؟! وهل هذه هي أخلاق الرجل المسلم ؟! لا والله، إن الإسلام وأخلاقه براء من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب؛ لذلك لا بد من التصدي لهذا العنف والوقوف ضده والضرب على من يمارسه بيد من حديد؛ وتفعيل نظام حماية المرأة والطفل من الإيذاء، حتى ولو كان تحديد العقوبات التي أشير إليها بعاليه مسؤولية القضاء، فلا بد للقضاة من التشديد وتغليظ العقوبات؛ لنحفظ للمرأة كرامتها وعزتها، والله الموفق.