لاشك أن الوصول إلى المصالحة الفلسطينية، ليست هدفا استراتيجيا فلسطينيا، بل رغبة عربية جامحة لكي ينهي الفلسطينيون مرحلة الانقسام الطويلة، ويعود الوئام والوحدة الوطنية، وتستطيع السلطة والفصائل الفلسطينية مواجهة العدو الإسرائيلي المشترك، الذي كان ومازال يراهن على الانقسام والتشتت الفلسطيني. ومع استمرار التعنت والصلف الإسرائيلي وسياسة الكيل بمكيالين الأمريكية، حيال القضية الفلسطينية التي وضعت في دائرة النسيان، المطلوب من جميع فلسطينيي الداخل والخارج، سلطة أو فصائل، توحيد مواقفها وسياساتها، ووضع مصالحها الشخصية جانبا، وتعزيز زخم الحراك الشعبي باتجاه إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وهو الأمر الذي سيضع القضية الفلسطينية في مكان متقدم ضمن أولوية المنطقة التي تشهد ربيعا عربيا، والمجتمع الدولي الذي يتلكأ في إيجاد حلول للقضية الفلسطينية، وسيجعل كلمة الفلسطينيين مسموعة ومؤثرة في المحافل الدولية لكي يتم تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة. ومن المؤكد، أن مباحثات المصالحة التي تعقد حاليا في غزة بين وفد حركة فتح وحماس والفصائل الفلسطينية ستوفر أرضية جيدة وإيجابية وحسن النوايا للوصول لمصالحة شاملة بين الفصائل الفلسطينية، وستضع هذه المصالحة المرتقبة والتي طال انتظارها، الدول العربية أمام التزاماتها -السياسية والمالية- تجاه القضية الفلسطينية في ظل غياب ذريعة الانقسام الفلسطيني، وسترسل أيضا رسالة عالمية مباشرة أن الفلسطينيين موحدين ويرغبون من العالم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم من الأراضي الفلسطينية، والعيش بسلام وأمن مثل أي شعب في العالم. ولاشك أن الوصول إلى اتفاق سيمثل انتصارا للإرادة الشعبية الفلسطينية، وسيدشن مرحلة جديدة للوئام بين للشعب الفلسطيني، لأن نجاح الاتفاق والوصول للمصالحة يعني مؤسسة العمل الفلسطيني السياسي والنضالي والأمني تحت سلطة واحدة وأرض فلسطينية واحدة، وتحت مظلة المؤسسات الفلسطينية الداخلية للسلطة الوطنية الفلسطينية، التي من المفترض أن تعمل لمصلحة الشعب الفلسطيني في غزة ورام الله، وليست لمصلحة الفصيل والحزب. أما في حالة تعثر الاتفاق وعدم الوصول للمصالحة فإن الوضع سيعود إلى نقطة الصفر، وستتعمق حالة الإحباط في الشارع الفلسطيني، وستدخل السلطة والفصائل في إشكاليات قد تؤدي إلى انشقاقات جديدة في التنظيمات الفلسطينية، مما سيجعل الوضع الفلسطيني أكثر تعقيدا، الأمر الذي سيعطي العدو اليهودي المشترك ليس فقط الفرصة للاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية بل المضي في القتل والتدمير وسياسة الأرض المحروقة ضد الشعب الفلسطيني الذي سيدفع ثمن هذه الاختلافات.