يجيء التوقيع على وثيقة المصالحة من قِبل الفصائل الفلسطينية في القاهرة ليسدل الستار بشكل نهائي على حقبة مظلمة من تاريخ القضية الفلسطينية، واستجابة من قيادتي فتح وحماس للوساطة التي قامت بها الحكومة المصرية الجديدة، التي وقفت على مسافة واحدة بين الفصيلين، وأيضًا للإرادة السياسية للشعب الفلسطيني الذي رفع شعار «الشعب يريد إنهاء الانقسام»، بعد أن أصبح من المفروغ منه أن المحتل الإسرائيلي هو المستفيد الأكبر من حالة الانقسام والتشرذم التي ظل يعاني منها أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة على مدى السنوات الخمس الماضية، وبما عكس حرص هذا الشعب على تحقيق الوحدة الوطنية، وعلى عدم السماح لأيٍّ مَن كان لتغليب مظاهر الفئوية الضيّقة، والمحاصصة الحزبية، على مصلحة الوطن، والقدس، والقضية. إن تشكيك البعض في إمكانية نجاح المصالحة يجب أن لا يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة مسيرته النضالية نحو التحرر، والاستقلال، وحلم الدولة الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف، ولا ينبغي أن يثني هذا الشعب عن التمسّك بحقوقه المشروعة، والتعبير عن إرادته الوطنية، مع الوضع في الاعتبار أن الظروف الصعبة التي رسّخها الانقسام والاحتلال والحصار في المجتمع الفلسطيني، والتهديدات، وردود الفعل الإسرائيلية المتوقعة، وفي مقدمتها وقف إرسال المبالغ المالية المقتطعة من الجمارك الفلسطينية إلى السلطة الفلسطينية، البالغة حوالى 100 مليون دولار، إلى جانب إمكانية وقف المعونات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، هذه الظروف ليست سهلة، وتحتاج إلى صدق النوايا، ومضاعفة الجهود لمعالجة آثارها السلبية التي تراكمت عبر السنوات الخمس الماضية، وهو ما يستوجب من فتح وحماس الوقوف في صف واحد مع باقي الفصائل الفلسطينية، ضمن نسيج وطني متماسك لمواجهة أدق اللحظات وأخطرها؛ بهدف إخراج اتفاق المصالحة الوطنية بكل تفاصيله، وقضاياه المعقدة إلى أرض الواقع، مع الالتزام الكامل بكافة بنوده. ما يبعث على التفاؤل بنجاح المصالحة واستمرارها، أن الحكومة الوطنية التي سيتم تشكيلها في غضون الأيام القليلة المقبلة من كفاءات وطنية ستنحصر مهمتها في الإعداد للانتخابات، وإعادة إعمار القطاع، بعيدًا عن أيّ ممارسة سياسية، وذلك حتى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في غضون عام من الآن.