كثير من النقد بات يلاحق عددا من المجالس البلدية في بعض المناطق، وفي وقت كان يتطلع الكثيرون إلى أن ترتقي تلك المجالس لحدود المسؤولية، وتعمل على تسريع وتيرة المشاريع الخدمية، وتكون العين الدقيقة لمراقبة أداء الشركات، بات بعض الأهالي ينظرون لمجالسهم على أنها مجرد واجهة «لا تسمن ولا تغني من جوع»، فيما يراها البعض الآخر أنها لا تستطيع الخروج على ما تضعه الأمانات، ولا تملك القدرة عل الانتقاد. لكن الكثير من أعضاء المجالس البلدية يعتبرون الانتقادات مجردة من الواقع، لأنهم يتدخلون بشكل مباشر ويعملون على تقويم الكثير من الاعوجاج في بعض المشاريع، بل يحددون مع الأمانات الأولويات في المشاريع الخدمية، ويقفون بالمرصاد لأي تجاوزات، مشيرين إلى أنهم مكبلون بالكثير من الأعباء وليست لديهم الكثير من الصلاحيات. فلماذا باتت المجالس البلدية محطة شد وجذب.. في عسير بات الانتقاد سيد الموقف للكثير من أعمال المجالس البلدية في عدة محافظات، حيث يعيب الأهالي ما اعتبروه «الوعود البراقة» التي لم تتحقق والتي سبق أن قطعها الأعضاء على أنفسهم خلال الانتخابات، مشيرين إلى أنها كانت مجرد مشروعات وهمية لجذب الأصوات لهم دون أن يقدموا على أرض الواقع شيئا جديدا لخدمة المحافظات. وقال المواطنون عبد الله أبو دبيل ونبيل بن شروق وأحمد عواض وسامي الشهري: إن المجالس البلدية لم تقدم أعمالا واضحة للمواطنين على أرض الواقع ونسبة كبيرة جدا من المشكلات معلقة حتى الآن والظواهر السلبية مازالت على حالها بنسبة كبيرة أيضا، زاعمين أن عضوية المجلس البلدي ربما أصبحت للوجاهة فقط. وقالوا: هناك تعارض في المصالح بين المجالس من جهة وبلديات المحافظات من جهة أخرى، مشيرين إلى أنه لم يصوت لعدد كبير من مرشحي الدورات الأولى لأن أعضاءها لم يقدموا أي إنجاز أو عمل يذكر حسب قولهم. وأضافوا: إن عمل المجالس البلدية كمقولة (محلك راوح)، حسب تعبيرهم حيث لم نر شيئا ملموسا أمامنا من إنجازات المجالس البلدية وهذا حديث الغالبية العظمى من سكان عسير. وبينوا أن الصلاحيات أو دعم المجالس قد يكون مفقودا وبالتالي فإن أعضاء المجالس لا يمثلون أي ثقل يحدث نقلة ملموسة في خدمة المدينة أو المحافظة أيا كانت، وقالوا: يؤسفنا أن الوعود والشروط التي قطعوها قبل الانتخابات ذهبت أدراج الرياح وكأن هدفهم كان مجرد الوصول إلى عضوية المجلس والواضح للعيان أن بعض أعضاء المجالس البلدي الحالي قد لا يكون لديهم إلمام شامل بصلاحياتهم في المجالس البلدية ولذلك أوهموا المصوتين لهم بأنهم سيحققون لهم وعودا كثيرة قطعوها على أنفسهم أثناء عملية الترشح لكنهم صدموا بحقيقة أن تحقيق تلك الوعود مخالف للآليات المعمول بها وبعيد المنال بالنظر إلى محدودية الصلاحيات الممنوحة لهم. بين جدارين وفي حائل لا يختلف الحال كثيرا، رغم تباعد المنطقتين، فأهالي الشمال يعيشون حسب قولهم نفس المعاناة، في وقت كان يتطلع أبناء حائل من المجلس البلدي أن يلامس تطلعات واحتياجات الأهالي بالمنطقة خاصة فيما يتعلق بوضع الخدمات التي لا ترقى لآمالهم وتطلعاتهم، فأبناء المنطقة ظلوا ينتظرونها ويتمنونها منذ زمن طويل، وإن المجلس البلدي لم يقدم شيئا يذكر غير الوعود بعيدا كل البعد عنهم لا يتواصل معهم ولا يأخذ بآرائهم. واتهم عواد الشمري المجلس البلدي بأنه ليس له أي حضور لافت بالمنطقة وإن لقاءاته ليست معلنة لاطلاعهم على أبرز القرارات والتصورات التي يطلبون أخذ آراء الأهالي حيالها، مضيفا: إن الواقع أمامنا هو خلاف الذي كان يحدث مع المجلس السابق وهذا ما لم نعتده من قبل فالوضع الآن شديد الضبابية والتكتم على العديد من القرارات والتوصيات التي تتخذ أثناء جلسات المجلس البلدي التي يصفها بالسرية. وذكر هاني الرشيدي: إنه لابد أن يسعى المجلس البلدي في خدمة المنطقة، والهدف المنشود لأبناء مدينة حائل في توفير الخدمات للأحياء. وقال محمد الشايع: على الرغم من الزيارات الميدانية التي قام بها أمين منطقة حائل مع عدد من أعضاء المجلس ورئيس البلدية إلا أن تلك الزيارات لم تحقق أي نتائج تذكر زاعمين أن المجلس البلدي لم يقدم أي خدمة لأهالي منطقة حائل، مضيفا أنه مجلس غير فعال. وطالب خالد الشمري أن يتم نشر كل ما يتم من قرارات وأطروحات عن المجلس البلدي للمنطقة عبر وسائل الإعلام المتاحة لكي يتعرف المواطن على ما يجري على أرض الواقع وما يتخذ من قرارات تساهم في خدمة المواطن بمنطقة حائل. صوت المواطن لكن في المقابل ذكر عبدالعزيز بن فهد المشهور عضو المجلس البلدي بمدينة حائل ل «عكاظ» أن المجالس البلدية سلطت الضوء على مشكلات الأهالي في المجالس البلدية وأوجدت لتكون كذلك صوت المواطن المسموع تنقل همه و تحل مشكلاته وإشكالياته فهل كان هذا الصوت فعلا مسموعا، هل لقي بالفعل صدى، فالمجالس البلدية بين مطرقة المواطن وسندان البلديات والأمانات، فالأضواء التي سلطت على مشكلات الأهالي خافتة باهتة أو تكاد تكون فأرض الواقع وصدق القول لم ير المواطن حلا لمشكلاته لماذا. وتساءل المشهور: هل هو عدم مقدرة المجالس البلدية على تفعيل ومتابعة قراراتها وتوصياتها؟ أم هل هو عدم تفعيل المجالس لما لديها من لوائح ونظام المجالس البلدية على الرغم من ما يعتريها من نقص، وخاصة الدور الرقابي الذي يجب أن يكون ليس فقط على ما يرد المجالس من تقارير بل على ما تم بشأن القرارات والتوصيات، فإما أن تنفذ أو تعمل وفق برنامج زمني واضح ومحدد من بداياته إلى نهاياته وبخطة زمنية معروفة وهذا ما لم يحدث حتى الآن. أم هو عدم معرفة المجالس البلدية لصلاحياتها ولوائحها واختصاصاتها وعدم معرفتها وإمكانات البلديات والأمانات أم هو عدم التناغم والتجانس فيما بينهما، فالموضوع يحتاج إلى وقفة صادقة. وبين أنه لم تعد مطالب الأهالي غائبة، بل واضحة وضوح رابعة النهار، فهم لا يريدون المعجزات بل الكل يعلم علم اليقين بمشكلاتهم، لكن هل هناك حياة لمناداتهم لهمهم، الشوارع مهلهلة، محفرة، الأرصفة محطمة، الحدائق غير مصانة، النظافة غير لائقة. إذن السؤال الكبير هو : متى يرى نتاج المجالس البلدية على أرض الواقع، طالما هناك عمل، هناك قرارات وتوصيات وجولات ميدانية. وأبان المشهور قائلا: نسمع في زيادة الصلاحيات نسمع في تفعيل دور المجالس لكننا لم نر ذلك على الواقع، رغم مرور سنوات ثمان إلا أن ذلك لم يحدث، نعم المجالس البلدية تشريعية رقابية وغير تنفيذية، إلا أنها يجب أن تتدخل وبقوة لتسليط الضوء على هم المواطن الذي تأمل فيها خيرا ولم ير منها حلا، وقال: عندما لا تكون تنفيذيا، ليس لديك إلا التقرير والمراقبة المبنية على ما يردك من تقارير، وفق ما تريده أن يظهر لك الأمانات والبلديات، وعندما لا يحق لك الخوض في دهاليز البلديات والأمانات، فقرر كما شئت وأوصِ بما تريد، فليس لك إلا ما تريده الأمانات والبلديات، ويجب أن يكون المنفذ ليس على ما تم الموافقة عليه بل على ما يشاهد على أرض الواقع، فليست العبرة بما يكتب من قرارات وتوصيات، فالمواطن تعشم في المجالس البلدية خيرا، فهل خاب ظنه. وبين أن العقبات قد تكون من المجالس البلدية نفسها لم تفعل دورها الرقابي كما ينبغي، وقد يكون لضعف اللوائح والنظام وعدم إعطاء المزيد من الصلاحيات الدور الأكبر، ولعدم إلمام أعضاء المجالس البلدية باللائحة بحيث قد تكون طلباتهم وبرامجهم الانتخابية ووعودهم فيها من المبالغة ومجانبة الواقع الشيء الكثير لذا ترى البون الشاسع في الوعود وفي واقع وصلاحيات المجالس البلدية، ولذا تحدث خيبة الأمل. وأشار إلى أنه ورغم أن أكثر التوصيات والقرارات بما يستطاع إلا أنها تبقى حبيسة للأدراج دونما تفعيل لأشهر إن لم تكن لسنوات، حتى الدور الرقابي المفروض تفعيله لا ينال نصيبه من التفعيل، ورغم أن سلطة المجالس البلدية تشريعية رقابية إلا أننا لم نشاهد ما يثبت ذلك إلا ما ندر، إذن الموضوع يحتاج إلى دراسة مستفيضة لمعرفة أسباب ومسببات تدني الناتج والنتائج للمجالس البلدية والدور الهام الغائب لها والسلطة الرقابية موجودة في اللوائح للمجالس البلدية. ونفى أن تكون المجالس البلدية يوما ما أبواقا للبلديات إن لم تكن أصواتا تطالب الأمانات، مشيرا إلى أن العلاقة يجب أن تكون تكاملية فالهدف واحد مشترك هو التنمية والتطوير للخدمات المقدمة للمواطن ويجب أن يكون ذلك تجانسا وتعاونا، فلم توجد المجالس البلدية إلا لتكون عونا للأمانات والبلديات لأداء دورها المناط بها وفق ما يرضاه المواطن ووفق إشباع متطلباته وتلمس حاجاته وهذا الدور يجب أن يفهمه المسؤول في الأمانة أو البلدية والأعضاء ليكون العمل تكامليا يسير وفق خطط مرسومة وإستراتيجية واضحة وشراكة فاعلة بينهما للنهوض بالمستوى الخدمي المقدم للمواطن. وأوضح أنه لا ضير أن يراقب المجلس البلدي عمل الأمانة أو البلدية ليس من أجل التفتيش عن الأخطاء بل من أجل التنمية والتطوير، فالعمل مهما كان يحتاج إلى تقييم ودعم وتطوير ورقابة لكي ينهض ويرتقي فليس هناك تضارب في الاختصاصات بل كفلت اللائحة كل ذلك وبينت دور كل منهما وفق الآتي: فالسطة للمجالس البلدية تتمثل في : السلطة التقريرية الرقابية، بمعنى أنها سلطة التقرير والمراقبة، بينما سلطة البلديات والأمانات سلطة تنفيذية، فالمفترض أن المجالس تقرر والبلديات تنفذ، هذا إذا كانت العلاقات تسير وفق ما هو مخطط لها، فلا تضارب ولا تضاد، بل تكامل واتحاد لإيجاد خدمة أفضل.. واختتم عضو المجلس البلدي عبد العزيز المشهور حديثه بأن الدور المأمول للمجالس البلدية هام وكبير ومن المفترض أن يكون كذلك فلم توجد المجالس البلدية عبثا بل وجدت لتنمية وتطوير المستوى الخدمي المقدم من أجل المواطن حتى وإن كنا غير راضين عن عمل وأداء المجالس البلدية فلعل في القادم من الأيام تراعى اللوائح وتعطى المجالس المزيد من الصلاحيات ولعل هذه المجالس تعي دورها كما تعي الأمانات والبلديات الاستفادة من وجود هذه المجالس من تطوير وتحسين العمل الخدمي البلدي ومتى ما صدقت النوايا وكان الهدف ساميا ونبيلا سيرى المواطن خدمة أفضل وأداء أحسن، ولعل ما وعدنا به من إعطاء صلاحيات أكثر للجالس البلدية هو الدور المؤثر لنتائجها.