في الوقت الذي تركز فيه الاهتمام الإعلامي هذا الموسم على مدرب الهلال الكابتن سامي الجابر، يقف مدرب سعودي آخر يملك سجلا تدريبيا مبهرا بعيدا عن التجاذبات الجماهيرية التي تحركها العواطف المتناقضة أكثر مما تحركها النتائج والوقائع في أرض المدرب، فمدرب نادي الاتحاد الكابتن خالد القروني هو أكثر مدرب أحدث فارقا واضحا في شكل فريقه خلال هذا الموسم، حيث استلم النمر الاتحادي من مدربه الأجنبي المقال وهو مثخن بالجراح، فعالجه في فترة زمنية وجيزة وأطلقه من جديد في الميدان نمرا فتيا شرسا معتمدا على المواهب الشبابية السعودية لا على المحترفين الأجانب. كان القروني قادما من المنتخب الأولمبي الذي قاده إلى نهائي البطولة الآسيوية وقدم من خلاله مواهب سعودية واعدة تبشر بقرب استعادة الأخضر لموقعه البارز في صدارة فرق القارة الصفراء، ولأنه مدرب جريء، فقد قبل بالتحدي الكبير كما فعلها كثيرا واستلم القاطرة الاتحادية المفككة ليعيد بناء الفريق من جديد ويكتسح مجموعته الآسيوية، معتمدا على جموح الشباب والروح الاتحادية القتالية التي تزلزل المدرجات. قد يكون من الصعب على أي مدرب أن يحقق نجاحات مع فريقين مختلفين في ظروفهما خلال بضعة أشهر (كما فعل القروني مع المنتخب الأولمبي ونادي الاتحاد هذا الموسم)؛ لأنه يحتاج إلى فترة زمنية كافية كي يفهم مشاكل الفريق الجديد ليعيد بناءه، ولكن القروني سبق له أن فعلها قبل عدة سنوات حين حقق بطولة الدرجة الأولى مع الوحدة، ثم انتقل إلى نادي الاتحاد ليحقق بعد بضعة أشهر بطولة الدوري الممتاز في إنجاز فريد لم يحققه أي مدرب سعودي أو أجنبي حتى الآن. درب القروني خلال مسيرته التدريبية ما لا يقل عن 10 أندية سعودية كبيرة وصغيرة، بالإضافة إلى منتخبي الشباب والأولمبي، ونجح في بداياته في إنقاذ فريقه الأصلي (الرياض) من الهبوط، بل والوصول به إلى نهائي كأس ولي العهد، وبالإضافة إلى إنجازاته مع الاتحاد والوحدة، ثم نجح في الصعود بنادي الحزم إلى الدوري الممتاز لأول مرة في تاريخه، أما أهم إنجازات القروني، فهي تأهل المنتخب السعودي للشباب إلى كأس العالم قبل ثلاث سنوات، حيث قدم الفريق عروضا مذهلة ووصل إلى دور ال16 قبل أن يخرج على يد البرازيل التي فازت بكأس البطولة. لم تتوفر للكابتن القروني الإمكانيات الهائلة التي توفرت للكابتن سامي الجابر بمجرد استلامه دفة تدريب الهلال، حيث لم تنفق عشرات الملايين لجلب لاعبين محترفين من أجل إنجاح مهمته، ولم تكن خلفه ماكنة هائلة تدافع عن أخطائه، ولم يحصل على سيارة بنتلي لتطييب خاطره في مواجهة الإعلام المنافس الذي يشكك في إمكانياته، ورغم ذلك فإن سيرته كمدرب كافية جدا كي تفرضه كأفضل مدرب سعودي في الوقت الحالي، تخيلوا ما الذي يمكن أن يحدث لو حقق سامي الجابر ربع إنجازات القروني؟!.. ربما سيتم إدراج إنجازاته في المناهج المدرسية!. [email protected]