أكد عدد من المختصين في الدراسات التاريخية، أن«جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية» تخدم حركة البحث العلمي الوطني، وأن رعايته لها ستجعلها من أبرز الجوائز العلمية، لما تقدمه من خدمة كبيرة للتاريخ العربي والإسلامي. إلى ذلك، أوضح عضو مجلس الشورى سابقا ورئيس مركز آل زلفة الثقافي الدكتور محمد آل زلفة، أن الجائزة تأتي من ضمن اهتمامات الأمير سلمان، لأهمية توثيق الدراسات للجزيرة العربية التي تمثل المملكة الجزء الأكبر من مساحتها، بما يليق بمكانة الجزيرة العربية. وأضاف: هذه المبادرة لكي يشجع كل باحث في هذا المجال، وما أكثر المجالات التي تدرس في تاريخ الجزيرة العربية، مبينا أنه على ثقة أن العديد من المؤرخين والمؤرخات من المملكة ومن دول الخليج العربي ومن اليمن يهتمون بدراسة تاريخ الجزيرة العربية لو اهتم بهم، موضحا أن«الباحث يبذل ما يستطيع لكن هناك العديد من التحديات، فالبحث عن المعلومات وغياب كثير من مصادر الجزيرة العربية بسبب الموارد المالية أو عدم الوصول إلى ما يبحث عنه الباحث، وهذه الأسباب من أسباب دعم الأمير سلمان بن عبدالعزيز لبحوث تاريخ الجزيرة العربية، فهؤلاء الباحثون وهبوا أنفسهم وشبابهم ومالهم في هذا المجال، وأنا لي حوالي 40 عاما في هذا المجال، واخترته عن قناعة تامة، وأدرك أن هناك خللا في ما كتب عن الجزيرة العربية، ومسؤوليتنا نحن الباحثون في المملكة وفي الخليج مضاعفة الجهد في سبيل أن نملي الفراغ في كتابة تاريخ الجزيرة العربية الذي لم يكتب»، وأضاف أن «التحديات كثيرة في هذا المجال، لكن بالإصرار والعزيمة والإيمان بما نقوم به سنحقق ما نتمنى»، داعيا الفائزين بالجائزة والباحثين والمؤرخين أن لا يقف أي عقبة أمامهم والعمل من أجل البحث والدراسة لتاريخ الجزيرة العربية، ومطالبا الجهات المعينة بالحفاظ على التاريخ المكتوب والمحافظة على المباني والشوارع القديمة وعدم إهمالها بحجة التجديد. وطالب آل زلفة الهيئة العامة للسياحة والآثار والجامعات السعودية التعاون تتعاون من أجل تاريخ الجزيرة العربية من خلال البحث وتوفير الوثائق، لأنه لا يمكن الكتابة في التاريخ بدون وثائق، متمنيا تأسيس الأرشيف الوطني والاهتمام به مثل بقية الأمم. تفرد الأهداف أما رئيس النادي الأدبي في الرياض الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري، فأوضح أن الجائزة تتميز بتفردها في الإطار والأهداف والتنوع والاحتفاء بالعديد من الباحثين من أجيال مختلفة. وأضاف الحيدري: «أعجبتني فكرة تلك الجائزة والمنحة، وتقدمت إلى الجهة المشرفة عليها وهي دارة الملك عبدالعزيز بفكرة بحثية تحت عنوان«علي جواد الطاهر (ت1417ه/1996م)وجهوده في التاريخ للأدب والفكر في المملكة العربية السعودية»، وبفضل من الله وافقت لجنة الجائزة برئاسة الأمير سلمان على الفكرة وعلى تمويلها، وقد أرفقت بالطلب مخططا له يتكون من أربعة مباحث، وهي: آراؤه في الأدب السعودي، وآراؤه في بعض القضايا النقدية، وآراؤه النقدية، وقيمة كتابه«معجم المطبوعات في المملكة العربية السعودية وأثره». وتوقع أن يخرج البحث بجملة من النتائج، في مقدمتها: رصد آراء الطاهر حول الأدب في المملكة العربية السعودية، وتحليل آرائه النقدية وتقويمه لسير المؤلفين السعوديين، ولفت انتباه الدارسين والباحثين ومؤرخي الأدب لآرائه وكتابه الموسوعي المهم«معجم المطبوعات». تكريم الجهود من جانبه، أوضح رئيس نادي تبوك الأدبي الدكتور نايف الجهني، أن الجائزة تحمل أهدافا سامية، حيث تسعى إلى تكريم الجهد المميز والبحث المبدع في مختلف المجالات التاريخية والحضارية في الجزيرة العربية، وإن انطلاقتها بهذا الحجم والتنظيم في دراسات الجزيرة العربية وحضارتها يحقق الرسالة التي رسمها راعيها الأمير سلمان بن عبدالعزيز، للدلالة على تشجيع الدارسين في تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها على التميز في مجالات الجائزة، إذكاء لروح التنافس بين الدارسين لكتابة رسائل وبحوث علمية متميزة تحكي واقع الجزيرة العربية. محاكاة الوحدة مدير مكتب آثار تبوك الدكتور يعرب حسن العلي، فقال:«إن دراسة تاريخ الجزيرة العربية لها أهمية كبيرة وعميقة، تشمل تاريخها السياسي والحضاري والاقتصادي، وتحكي عناصر الوحدة بين أقاليمها، وثراء التنوع في مجتمعاتها، والاستمرار والتغيير في عاداتها وتقاليدها وعلاقتها بالبلدان المجاورة والثابتة، وتوظف فيها المصادر الأصلية المكتوبة والآثارية، وهذا يجعلها نقطة هامة للبحث بسبب العمق التاريخي والجغرافي للجزيرة العربية، وهذه الجائزة سوف تمنح الباحثين والمبدعين في هذا المجال كتابة تاريخ شامل يقوم على منهج علمي ودقيق. بعد حضاري من جهة أخرى، يوضح الباحث التاريخي الدكتور عبدالرحمن السميري، أن الجزيرة العربية تكتسب أهميتها التاريخية من خلال احتضانها للعديد من الحضارات، كما أنها كانت مهدا للرسالات السماوية، وتمتد أصول حضارتها وحسب أخر الاكتشافات الأثرية إلى العصور الحجرية، حيث عثر الباحثون فيها على آثار حضارة إنسانية تعود إلى أكثر من 25 ألف عام، أي إلى أواسط العصر الحجري، كما عثر الباحثون على أثر بحيرات قديمة جدا تلاشت في العصر الحالي، وهذا يدل على أن تلك المنطقة الواقعة في أحضان الربع الخالي كان لها أهمية تاريخية مما يجعل الباحثين أمام سيل عارم من الدراسات والبحوث التي تطرقت إلى تاريخ الجزيرة العربية التي تشكل جزءا هاما من قارة آسيا، حيث تلعب دورا كبيرا في الشرق الأوسط والعالم العربي، مبينا أن الجائزة ستضيف بعدا تاريخيا وحضاريا في فروع الجائزة من خلال البحث بين ثنايا التاريخ في الجزيرة العربية.