درجت عروس البحر الأحمر «جدة» بموقعها الاستراتيجي وأهميتها الاقتصادية والتجارية على مفاجأة العالم أجمع بكل ما هو جديد ومفيد وفريد عبر الغرفة التجارية الصناعية المتألقة. فبعد أن زين وسط المال والأعمال سماء العروس باحتضان فعاليات المنتدى الاقتصادي الرابع عشر، الذي أنشئ على غرار المنتديات الاقتصادية العالمية بشعاره ذي المعنى المطلوب آنياً والمرغوب فعلياً في زمن يتطلع المواطن للقيمة (الإنماء من خلال الشباب). صحيح إذ لا توجد تنمية بلا شباب فاعلٍ طموح مستعد بسواعده الفتية أن يبني وطنه ويعمل على نهضته وعلو شأنه، وهو مدرك كل الإدراك أن ذلك لا يتأتى إلا بتضافر الجهود وتمهيد الطريق إلى الغايات وذلك بإزالة العوائق والحواجز التي توقف كل انطلاقة جادة، فإذا وجد شبابنا الفرصة المناسبة لتحقيق طموحاتهم ولإقامة مشاريعهم التي يحلمون بتنفيذها عندها ستنطلق المسيرة الظافرة إلى مرافئ الخير، فلا بد من إصلاح ما يمكن إصلاحهُ بتحديث وتطوير أنظمة العمل العقيمة باعتبارها العائق الأول بما فيها من رتابة وبيروقراطية في التعامل قد تزج بهم في دائرة البطالة فتزيد الطين بِلة والأمور تعقيداً. لا بد أن نعي جيداً ضرورة قيام التعليم بدور أكثر تميزاً يعنى بمسايرة متطلبات سوق العمل بعد الدراسة المتأنية لمعرفة احتياجاته الفعلية، وبهذا الفهم فعلى الجهات المختصة أن تعمل على تدريب الشباب وتطوير مهاراته التي ينقب عنها سوق العمل. وهذا ما أشارت إليه الدراسة التي أعدتها جامعة الأعمال والتكنولوجيا أمام المنتدى حيث تطرقت لمناقشة ما يجب أن يكون عليه التعليم بشقيه العام والعالي، من أسس تحقق طموحات الشباب وتيسر له الطريق لإيجاد العمل المناسب وتكون أيضاً قد أسهمت في قهر مشكلة البطالة. فمن شأن هذه السياسة التعليمية الرشيدة أن تفتح أبوابا تعليمية جديدة تفتح أفق العمل لكل راغب وباحث عن عمل. كما ذكرت الدراسة بأن البطالة في وسط حملة الدراسات العليا بلغت 40 في المائة، وبلغت نسبة 60 في المائة في الأوساط النسائية فتلك نسبة مرتفعة فطنت لها الدراسة التي ركزت على أهمية إنشاء جامعات تقدم تخصصات مهنية يحتاجها سوق العمل، وتطبيق مادة التدريب التعاوني في الجامعات السعودية، وذلك لتطبيق ما تم دراستهُ أثناء الدراسة عملياً وذلك من خلال الزج بهم في شركات القطاع الخاص. إن البطالة النسائية التي جعلت المرأة حبيسة المنزل هي الأخرى تعزي تفاقم هذه الأزمة الى عدم تحديث أنظمة العمل القديمة، لذا يلزمها التطوير والتحديث، وبما أننا أجمعنا على وجود الداء وعكفنا على إعداد الدواء فيجب إضافة عنصر هام للخلطة وهو عنصر الاستفادة من تجارب الآخرين لنأخذ منها ما يناسبنا، وهذا ما فعله المنتدى حينما استعرض التجربة المميزة في هذا الصدد لحكومة دبي التي تشجع كل الشباب الراغبين في إقامة مشاريعهم الخاصة، من خلال برنامج يبدأ بالترخيص ثم تقديم التمويل اللازم المشروع بدعم صاحبه لمدة ثلاث سنوات لا يطالب بسداده إلا بعد مضي تلك السنوات، بالإضافة لتقديم الخدمات اللوجستية المعينة على إنجاح المشروع. من كل ذلك يتضح أن (الإنماء من خلال الشباب) شعار عملي ويحتاج للمزيد من اهتمام الجامعات رغم مسيرتها التعليمية والأكاديمية الكبيرة نظراً لأهمية الأمر ولعلاقته الوثيقة بمستقبل طلاب هذه الجامعات، لذا نآمل من القائمين على تنظيم المنتدى أن يراعوا إشراك كافة الجامعات في السنوات المقبلة لتدلي بدلوها وتقدم مرئياتها وإسهاماتها فيما يتعلق بالشباب الذي يمثل حاضر البلاد ومستقبلها. فوجودها يعني المزيد من الدراسات العلمية والأفكار المستنيرة المعينة على الإصلاح والنجاح، لأن خدمة الشباب وتبصيره لما ينفعه ويرفعه ويخرجه من قبضة البطالة هو هاجس كل مواطن. ومن هذا المنطلق وبمثل هذا التصور لأهمية الأمر نثمن مشاركة جامعة الأعمال والتكنولوجيا، علماً بأن هذه الجامعة قامت بتوظيف 90 في المائة من طلابها نتيجة لسياستها الموفقة بإيجاد مركز متخصص للتدريب وتوظيف الطلبة بعد تخرجهم في شركات القطاع الخاص.. والآن وقد وضع المنتدى النقاط فوق الحروف لكل ما من شأنه خدمة الشباب، وبقي على الجهات ذات الاختصاص كوزارة العمل ووزارة التعليم العالي وغيرها من الوزارات الاستعانة بأوراق العمل التي تدارسها المنتدى للاستفادة منها والعمل بما تضمنته قدر المستطاع علها تفيد المسيرة التعليمية وتخدم شباب الوطن.