أشفقت كثيرا على لغة البيان الذي أصدرته رابطة الكتاب الأردنيين، مؤخرا، تجاه ما حدث حول بعض أعمال الشاعر العربي الراحل محمود درويش في معرض الرياض الدولي للكتاب، وهو بيان لا يليق برابطة تسمي نفسها رابطة للكتاب وهي وتطلق أحكاما عامة دون معرفة بالتفاصيل. وجاء البيان انفعاليا حانقا يضمر موقفا مسبقا ضد ما أسمته عواصم النفط الرجعية، وهو أمر مثير للسخرية حقا، كون المثقف العربي اليوم لم يعد يثق بفكر (قومجية الستينيات) التي تقف موقفا عنصريا من الثقافة والأدب في المملكة والخليج العربي، حيث اتكأ البيان على تلك الخلفية القومجية العقيمة والبالية. بيان رابطة الكتاب الأردنيين وصف ثقافتنا بالرجعية، وهي لغة مستهلكة مفلسة ومعروفة تبحث في اتجاهات ضيقة، وقد تجاوزها وعي المتلقي العربي الذي صار يفرز جيدا أكثر من أي وقت مضى. والحقيقة أن دواوين الشاعر العربي محمود درويش ليست ممنوعة، بل موجودة وتباع في معظم المكتبات في المدن السعودية، وهذا يؤكد أن تلك الرابطة لم تتحقق من تفاصيل ما حدث. ويضيف البيان المثقل بالحقد والكراهية أن قامة درويش أعلى من العواصم النفطية ومثقفيها وما إلى ذلك من عبارات مثيرة للسخرية، وحين نقرأ مثل هذا السياق السقيم نكتشف حجم الكم المخبوء من الحقد والسوداوية، والتي تتمترس جيدا على من أصدر هذا البيان، وهي أيضا مزايدة رخيصة، جدا فلو كان الراحل محمود درويش موجودا بيننا لرفض مثل تلك السخافات، فهو ليس بحاجة لمثلها؛ لأن الأدب والإبداع لا يؤطر بمثل تلك الأطر الضيقة. ومن حق أي رابطة للكتاب أن تصدر بيانا تجاه إشكالية ثقافية معينة أو موقف ما، وليس من حق أحد الاعتراض على حرية التعبير أيا كانت، ولكن ليس من حقها الإساءة للبلدان وللعواصم ومثقفيها، ولا سيما وبلادنا اليوم وبكل فخر تقدم للعالم العديد من النتاجات الأدبية والنقدية والفكرية، وتتصدر المشهد العربي بين فترة وأخرى بفعل الحراك الثقافي والإبداعي والتنموي الذي وصل لكل الأصقاع. نتساءل هنا: هل هذا بيان ثقافي صادر عن رابطة للكتاب؟، أم أنه ثرثرة مجموعة من (المتثاقفين) الذين يجلسون في إحدى الزوايا المهمشة ويرددون عبارات (الزعرنة)؟، نعم مثل هذا البيان لا يصدر عن رابطة تعنى بالكتاب؟. لعلنا نتفق أن في كل معرض من المعارض الدولية تحدث بعض المخالفات، وهناك تنظيمات خاصة في كل بلد من البلدان المستضيفة، لكن تعاطي رابطة الكتاب في الأردن جاء صادما مستعيدا خطابا أكل عليه الدهر وشرب. وندرك أيضا أنه لا يمثل المثقفين الأردنيين الأصيلين والأصليين؛ لأنهم أشمل من رابطة تعادي وتشتم المشهد الثقافي بين فترة وأخرى، وهي تكشف عن مخزونها الخاص بها، والذي يمثلها ولا يمثل المثقفين الحقيقيين في الأردن الشقيق. إنني على يقين أن وزارة الثقافة بالمملكة الأردنية الهاشمية ستتعامل مع تلك الرابطة (الشتامة) بشيء من القوانين المعمول بها، فالأردن دولة قانون ومؤسسات قادرة على وقف صفاقة تلك الرابطة الهشة. [email protected]