في كل معرض من معارض الكتب التي يتسنى لنا حضورها في أي بلد يحظى به المتسوقون بعدد من المميزات والتسهيلات، أهمها ما يقدم للباحثين والناشرين على حد سواء من خدمة التقنية والباركود وتوفير الأماكن الخدمية والبوفيهات وكذلك سعة المكان وإتاحة تأجير العربات والحقائب الحاملة للكتب، وهذا ما يراه الزائر لمعرض الكتاب المقام بالرياض حاليا، فالخدمة متاحة والتقسيم مريح، إلا أن الأمر الذي مازال مقلقا هو تجاوز الباعة الحد في تسعير الكتب بصورة أولية ثم ادعاؤه بالخصم بعد ذلك، وهو أمر اشتكى منه الجادون في القراءة الطالبون الحقيقيون للكتاب، أما أولئك المتسكعون من أجل التعارف والتآلف، المهووسون بالفلاشات، وباستعراض الذوات فأولئك سيان لديهم ارتفاع السعر وانخفاضه. الملمح السلبي الآخر الذي بدأ يظهر هو استسهال الإصدار والطباعة والجرأة على النشر من قبل أولئك المبهورين بالأضواء وبتدوين أسمائهم بين زمرة الكتاب والكاتبات ولما تنضج تجاربهم وتكمل أدواتهم بعد، فكل من جمع له بين دفتي مذكراته أفكارا أو خطرات غضة دفع بها للطباعة، فتلك فتاة تكتب خواطر عفو الخاطر، وذلك شاب يرص مشاعر تؤذي الشاعر، مرويات طرية المواقف تجفف نزيف العواطف، وذاك كهل يكتب شعرا أسماه شعرا وهو منه براء، وذاك ركب موجة الكتابة الروائية ربما لتدوينه أحداثا مرت به في حياته ظنا منه بأن مقومات الكتابة السردية متاحة وأن أهم ما فيها مادة الرصد والتوثيق، وذاك كتب قصصا لا يمكن أن يتحملها غيره وينوء بقراءتها هو ذاته، وذاك يكتب عن رحلاته البرية وما دار فيها من كيفية استخراج الضب وملاحقة الجربوع والألعاب الشعبية، وأنا وأيم الله لا أعترض على أن يقوم الموهوب والمبدع برصد نتاجه وطباعة كتابه، فهو حق مشروع لكن لا أؤيد أن يخرج الفرد كتابا لمجرد تسجيل اسمه ضمن قائمة الكتاب وذلك بألا يستمرئ التدوين دون تمكن من أدواته الحقيقية.