رثائية إلى روح أبي أرثيكَ يا أبي أم ترثني يا سيد النقاء في آخر الشتاء عندما ودعتنا في آخر الشتات والشتاء لا شك أذكر التفاصيل الصغيرة التي تزيد حزننا: صرة عينيك تحدق الأفق وطيبة الرياح حين تلوي ثوبك الأزرق مثل الموج.. مثل الساحل.. مثل الزهر مثل الأكسجين دريت يا أبي أن قصيدة ترفع من... لقتل أمل وسحق كلمة دريت يا أبي أن الثمانين وقد بلغتها لم تتغير في مداها شمعة ولم تذب كانت تنير لكن لا نرى ولا نشم إلا الاحتراق دريت يا أبي أن عجينة الحزن التي لما تزل تحولت نميمة تأكل كل نهر.. كل واد.. كل بيت.. تأكل الفضاء صبرت ذقت الألم الممض.. ذقت الظلم حينما بفصل بين والد وولده وكان عمر ابنه البكر شهور صبرت عدت كي تعيش صامتا تعيل أفواه الصغار كنت لهم غذاء كنت لهم غطاء وكبروا وبين جنبيك يعيش حزن كجبل تركتنا يا والدي لمن سلاسل الجبال أم سلاسل الحبال البيت يبكيك وطرقات السفر البعيد محراث والدك وبندقية الرعي وناديك الذي أحببت في الرياض شهادة تضحك حينما تحديت بها فقر الزمان ذل اليتيم ضحكة المغفلين أذكر يا أبي كيف برغم الشامتين كنت كريما تستدين كي تطعمهم تسكنهم وهم يضاعفون من قمامة المدينة أذكر يا أبي كيف برغم الشامتين كنت تجلب الألعاب للأطفال في (بقشتك) الجميلة وتشعل القصائد التي ينبع منها جدول صغير وكنت تجمع الغيوم بين الكلمات يطقطق السحاب نفتح الباب لنلقى بسمة الخليج أصيح بالخليج يا خليج فيرجع الصدى كأنه النشيج وبسمة السدرة حيث المنتهى الحبيب كم مرة رأيت عينيك ترقرق الدمع الصموت في آخر الشتاء في آخر الجبال وهي تنحني لتمسح الدمع المثرثر الصغير في آخر الشتاء توقف الربيع توقف التنفس الأخير وعادت الروح إلى عدالة السماء كأن لا شتاء في آخر الشتاء..