عبر كل العقود، نجد أن صراع الأجيال واختلاف الثقافات والأفكار، وهي مسائل نسبية، تختلف من مجتمع لمجتمع ومن بلد لبلد ومن زمان لزمان في ذات المكان الواحد. فتحقير الكبير للصغير أو سخرية الصغير من الكبير لن تزول هكذا. قد تحتد وتهدأ تبعا لبعض حالات الاحتقان والمواقف الطارئة التي تحدث أحيانا. وفي ثقافتنا المحلية، وجدنا صورا عديدة لهذه التجاذبات البيضاء، عبر ترديد مقولات تحاول أن تضع كل الخير في الماضي المنصرم والتقليدي والناس الكبار، وأن (السابقين لم يتركوا شيئا للاحقين)! رغم إيمان الجميع بأن الذي مضى لن يعود، بأي شكل من الأشكال، رغم محاولات البعض المستميتة والمستحيلة لسحب الزمان للوراء. فالماضي لن يعيد نفسه عبر مقولة: (التاريخ يكرر ذاته). هناك بلا شك حنين للماضي، وحب لأهله، وللعمر المنفرط والشباب والقوة والمغامرات وتمجيد الذات. لكنك تتعجب من بعض كهول اليوم الذين كانوا شبابا في الأمس القريب، يقولون لأولادهم وأحفادهم ما قاله الآباء عنهم ولهم ذات يوم من آراء وتصورات وتهم غير حقيقية، بأن جيل اليوم، جيل عاق وكسول وغير منتج وربما جيل فاسد، وهي ذات التهم التي واجهها كهول وشيوخ اليوم من آباء الأمس البعيد وربما قيلت ذات التهم للآباء والجدود من قبل، رغم وجود مقولات في التراث العربي تدعو للفرادة وعدم التقليد كقول البعض (لكل زمان دولة ورجال). قال لي أحدهم، إن هناك من الشباب الذين نجلدهم أحيانا بسياط ألسنتنا بسبب اختلاف الأذواق والأعمار، يعود في أغلبه لأشياء شكلية، ربما لنوعية الملبس أو المأكل أو عدم الاختبار. فبعض الجيل الجديد لهم مواقف في غاية الشهامة والنبل.. فهذا (الأحد)، الذي حدث عطل لسيارته في إطارها بالطريق العام، فما كان من شابين إلا أن ترجلا بجواره وقاما بمساعدته وغيرا إطار سيارته وهو واقف يتفرج، بل قاما بشحن (الكفر) المعطوب إلى أقرب بنشري لتصليحه وإعادته إليه، رغم النقد الموجه للبعض بأنهم من شدة الكسل لا ينزلون من مركباتهم، بل ينتظرون استلام طلباتهم البسيطة من بعض المحلات التجارية عبر رنة صغيرة من بوق السيارة.. الشاهد أن أسطوانة الأجيال المشروخة التي يرددها البعض بدون تبصر لن تتوقف، والحياة سوف تستمر إن شاء الله إلى الأفضل بهؤلاء الشباب الذين ربما لا يعجبون البعض في الوقت الحالي، وسيظل الخير يتواجد بهم في كل زمان ومكان. [email protected]