التجارب الماضية القريبة والبعيدة، بحلوها ومرها، أقصد تجاربنا وتجارب الشعوب الأخرى، دروس تاريخية مجانية، ومطروحة للكل، للاستفادة منها، فالعاقل هو الذي لا يكرر ذات الخطأ مرة أخرى، ومن يرتكبه من جديد فربما هناك ثقب أو خرف في ذاكرته أو ربما قصور في القراءة ومحدودية في الذكاء والفهم وبالتالي عدم القدرة على استخلاص العبر.. وفي الماضي غير البعيد، دخل إخواننا وأولادنا، في حروب مجانية بأراضٍ بعيدة، فصاروا حطبا ووقودا لنار حرب باردة وطاحنة بين عملاقين، فأتذكر مقولة بول فاليري: (الحرب مذبحة بين أناس لا يعرف بعضهم بعضا، لمصلحة أناس يعرف بعضهم بعضا.. ولكنهم لا يتذابحون). وفي الأخير عاد البعض لوطنهم الأم بعد كثير من الندوب والجراح في الروح والعمر، وبعد أن اعتنقوا الفكر التكفيري/ فكر الخوارج، للعمل كطابور خامس، وبعد أن استخدموا وتدربوا على حمل السلاح وتفكيكه وصنعه وقتل المخالف بدم بارد. والبعض الآخر، استقر هناك ودخل بين البصلة وقشرتها، وابتعد عن أماكن الطفولة وريحان تراب الأمهات الجميلات والأحلام الصغيرة.. وفي الأخير حدث الزلزال الكبير في 11 سبتمبر 2001م، والذي أسفر عن تورط (15) شابا سعوديا من أصل (19) من منفذي العمليات الإرهابية، وما تلاه من قضايا واتهام للوطن برعاية الإرهاب ودعمه ماديا، ومزايدات حزبية بتقسيم الوطن.. والذي أدى في الأخير إلى احتلال بلد إسلامي: أفغانستان، وقتل للكثير هناك، والحظيظ هو الذي نجا من الموت، ثم رُحل مخفورا ومعصوب العينين إلى عذابات معتقل جوانتانامو.. هؤلاء المغرر بهم، من بني جلدتنا وأهلنا يهمنا أمرهم، وأدخلوا الوطن برمته في مآزق عديدة، إلى حد اتهامه بتفريخ واحتضان الإرهاب. وهناك أيضا من قاتل في البوسنة والهرسك والشيشان والعراق .. وبعد كل هذا الضجيج والصداع والمتاعب، يأتي أناس، اليوم، ويشجعون على جمع المال بدون تصريح رسمي!، ومن يضمن لنا بأن ذلك المال لا يصب في جيوب مجرمي القاعدة والنسخ الكربونية منهم هنا وهناك أو في جيوب من يتعاطف مع فكرهم؟!.. لا أقول كلنا ولكن أقول أغلبنا يحلم وينادي بسقوط نظام بشار الدموي، ولكن أن يرحل بعض الشباب إلى هناك، وهمهم لم يكن هما إنسانيا عاما صرفا كإشاعة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومنع القتل، وإنما هو تعاطف مبني على أساس ديني أو على وجه الدقة ربما يكون طائفيا!، والموضوع الطائفي لا يهم تلك الدول التي في يدها القرار!، بل ربما تدينه. الشاهد: لو سمح لتلك التيارات وللشباب المتحمسين بجمع الأموال والذهاب إلى تلك المناطق المتوترة التي لن تستقر قبل عقد من الزمان كما يتوقع البعض، والدخول في حروب دينية، سيتهمنا البعض بتكرار أخطاء التاريخ القريب، أقصد سيتهم الوطن من جديد بتشجيع تلك التيارات المتشددة وسنسمع من يشغل الأسطوانة المشروخة بتصدير ( الفكر الوهابي )!.. خاصة أن سكين الشماتة مسنون وجاهز، ليقولوا: ما أشبه الليلة بالبارحة!.. أليس فيكم رجل رشيد؟!. [email protected]