شهد الواتس آب انقطاعا لنحو 210 دقائق (قرابة 3 ساعات ونصف الساعة) مساء السبت الماضي 22 فبراير، ولم يتمكن حينها المستخدمون في أرجاء العالم من إرسال رسائل، وأوضحت شركة التراسل الفوري «واتس آب» عبر تغريدة في موقع تويتر تزامنا مع وقت الانقطاع: «نعتذر نحن نعاني حاليا من مشكلات في جهاز الخادم المركزي (الملقم)، ونحن نأمل معالجتها قريبا». وعند عودة الخدمة قامت الشركة بإرسال تغريدة ذكرت فيها «تمت استعادة خدمة الواتس آب، ونحن نأسف لذلك العطل»، وفي نفس التوقيت صرح الرئيس التنفيذي لشركة الواتس آب جان كوم عبر البريد الإلكتروني لصحفية وول ستريت جورنال أكد انقطاع الخدمة بسبب إعادة تشغيل جهاز الخادم المركزي وعودتها بشكل موفق. ولكن على الرغم من كل تلك الإيضاحات، إلا أنه خلال الساعات القليلة التي انقطع فيها الواتس آب تغيرت الكثير من الأمور وانقلبت إحصاءات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي رأساً على عقب بعد أن سلطت الوسائل الإعلامية حول العالم الضوء على الحادثة وتفاعلت القنوات التلفزيونية مع الحدث وأغرقت الشاشات بآراء ونقاشات المحللين الفنيين والاقتصاديين، واشتعلت معها شبكات التواصل الاجتماعي بحثاً عن بدائل خاصة مع انتشار العديد من الشائعات خلال تلك المدة الزمنية القصيرة، وربط الكثيرين هذه الحادثة بصفقة استحواذ الفيسبوك على الواتس آب مؤخرا، وانتشرت بين أوساط مستخدمي تويتر تغريدات تهكمية ركزت على هذه التكهنات المتعلقة بالفيسبوك. وانتشرت تغريدة لصورة مالك موقع الفيسبوك مارك زوكربيرج كتب عليها «إذا لم تستطع هزيمة الواتس آب، فقم بشرائه ثم أغلقه»، وهذا بالإضافة إلى تزايد مخاوف المستخدمين من انتهاك خصوصيتهم نتيجة لهذه الصفقة، وهو ما دفع ملايين المستخدمين إلى الهجرة الجماعية نحو بدائل أخرى في هذا الوقت القياسي، حيث توجه العديد من المستخدمين في أوروبا إلى برامج أخرى مثل Threema و MyEnigma خاصة بعد نصائح بثتها المفوضية الألمانية لحماية البيانات الخميس الماضي والتي أيدت إيجاد أكثر أماناً بدائل بعد انتقال الواتس آب في قبضة الفيسبوك، وأيضا هنا في المملكة توجه المستخدمون بكثافة غير مسبوقة نحو استخدام تطبيق التليغرام خلال وقت قياسي تزامنا مع انقطاع الواتس آب وانتشار الشائعات حوله. وفي هذا الصدد، أوضح يوسف عمر (خبير في منصات التواصل الاجتماعي ومدير عام شركة للاستشارات الإعلامية) ل«عكاظ» أن انقطاع خدمة الواتس آب كان نتيجة لتحديثات دورية تجريها الشركة نتج عنها خلل بسيط Glitch يتطلب إعادة تشغيل جهاز الخادم المركزي (Server) وهذا الأمر يستغرق عدة ساعات نظراً لضخامة حجم البيانات المخزنة في الخوادم المركزية، وسبق تكرار هذا النوع من الانقطاع في الماضي بشكل دوري من حين لآخر تزامنا مع التحديثات التي تجريها الشركة سواء على الخدمات أو أجهزة الخوادم المركزية، ولكن في هذه المرة تزامن هذا الانقطاع مع صفقة استحواذ الفيسبوك على الواتس آب بمبلغ تجاوز 19 مليار دولار، وربط الكثيرين بين الحدثين خاصة مع الإشاعات التي أطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون مسوغات مقنعة حول هذه الادعاءات. وبالنسبة للمخاوف من انتهاك خصوصية المستخدم نتيجة لانتقال الواتس آب إلى الفيسبوك، أوضح الخبير التقني يوسف عمر أن هذا الأمر من الباكر جداً الحكم عليه ونستشهد في هذا بصفقة شراء الفيسبوك للانستجرام قبل عامين، وظلت حينها سياسة الاستخدام بالنسبة للانستجرام كما هي دون أي تعديلات عليها لأكثر من 4 شهر بعد تاريخ إبرام الصفقة، وهي المدة الزمنية التي استغرقت لإكمال الصفقة من النواحي القانونية وموافقة الحكومة الفيدرالية وإتمام باقي المتطلبات ومن ثم بعدها تم بعدها تعديل لوائح سياسة الاستخدام واتفاقية المستخدم، وبالتالي كيف نبدي المخاوف قبل أن تكتب هذه السياسات، كما أن مستخدمي الانستجرام لم ينخفضوا بنسب ملموسة نتيجة لتلك الصفقة. وحول إيجاد بدائل للواتس آب، أفاد يوسف عمر بأن الواتس آب من الأساس ليس برنامجا آمنا للمحادثات ومن السهل اختراقه، وفي الوقت الحالي يعتبر التليجرام أفضل برنامج للتراسل الفوري من حيث الأمان خاصة أن به خاصية للمحادثات المشفرة (Secure Chat) لكنه لم يكن معروفاً وواسع الانتشار على الرغم من أنه تطبيق مجاني وذلك نظراً لحداثة عهده وأقدمية الواتس آب الذي حصد عددا ضخما من المستخدمين اقترب من حاجز النصف مليار. من جهة أخرى، أبدى خبير أمن المعلومات عبدالله العلي مخاوف من تغيير سير خدمة الواتس آب بعد انضمامها للفيسبوك، خصوصاً بعد الوعود التي أطلقتها الأخيرة بإضافة العديد من المزايا دعته إلى التحذير من تغيير سير خدمة التطبيق التي يمكن أن تشكل خطرا يمكن أن يهدد أمن وخصوصية المستخدم، ودعم رأيه بالنصائح التي أطلقتها المفوضية الألمانية لحماية البيانات التي نصحت مستخدمي الواتس آب أن يستبدلوه ببرامج أخرى أكثر أمنًا بعد انتقاله للفيسبوك. ونصح الخبير العلي عبر عدد من التغريدات التي أطلقها في تويتر بالعديد من البرامج البديلة التي تحمي خصوصية المستخدمين ومنها Telegram- Threema- SureSpot- MyEnigma- Wickr- ChatSecure، معتبراً أن هذه البرامج يمكن أن تحمي خصوصية المستخدمين وذلك لأنها تطبيقات مشفرة. فيما حذر خبير أمن المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي الدكتور معتز كوكش عبر حسابه في تويتر من التعامل وتدوال الرسائل المفبركة عبر تطبيق الواتس آب والتي حملت شكل الرسالة التحذيرية من مديري في الواتس آب والتي يدعي مرسلها بأنه عليك كمستخدم إرسالها إلى 8 أشخاص حتى لا تنقطع الخدمة أو تلك الرسائل التي تحمل خبرا مفاده أن التطبيق سيصبح مدفوعا إلا إذا قمت بإعادة إرسال تلك الرسالة. وحول هذا الانقطاع قال الدكتور معتز كوكش «تحدث كثيرا من الناس أن السبب يعود إلى صفقة استحواذ فيسبوك على تطبيق واتس آب، ولكن الحقيقة مختلفة حيث إن الصفقة ما زالت على الورق وأي عملية انتقال ستتم وفق آلية مدروسة بحيث لا تتعرض سمعة الشركتين للضرر». وأضاف، أرجح أن الخلل ناتج عن حالة «الإغراق» التي يعاني منها الواتس آب منذ مدة وتتمثل في تبادل عدد كبير من الرسائل المفبركة والتي يطالب أصحابها بإعادة إرسالها إلى آخرين حتى لا تنقطع الخدمة، حيث رصدنا عددا ضخما جدا من هذه الرسائل في 72 ساعة الماضية مما سبب ضغطا كبيرا على خوادم الشركة في وقت معين أدى إلى انقطاع تلك الخدمات. وحول سياسة الخصوصية في واتس آب ومدى تضررها من خلال تلك الصفقة، أضاف الدكتور كوكش «الخصوصية بخير»، مستغربا كثيرا من إثارة هذا الموضوع الآن وبهذا الوقت تحديدا فالصفقة ما زالت على الورق والشركتان أكدتا على احترام الخصوصية للمستخدمين، مضيفا: «إذا كنا قلقين من الصفقة فلماذا نستخدم الفيسبوك أصلا، ولماذا لم تكن هناك أي ردود أفعال على صفقات سابقة مثل صفقة فيسبوك وانستغرام». وبين أن إثارة موضوع الخصوصية في تلك المرحلة وانقطاع الخدمة المفاجئ يدعونا للتأمل عن الجهة المستفيدة من تعرض الخدمة للانقطاع وبهذا التوقيت تحديدا.