تثير الصفقة الضخمة التي استحوذت من خلالها فيسبوك على خدمة "واتس أب" مقابل 19 مليار دولار، كثيرا من التساؤلات عما دفع عملاقة التواصل الاجتماعي إلى تكبد هذا المبلغ الفلكي، وعن الطريقة التي سيؤثر بها هذا الاستحواذ على المستخدمين العاديين. بعد أن أسسها في 2009 كل من جان كوم وبريان أكتون، اكتسحت خدمة "واتس أب" عالم التراسل الفوري، بما وفرته من سهولة في الاستخدام والتوافق مع جميع أنظمة التشغيل الجوالة المتوفرة في السوق، بما في ذلك الهواتف العادية أو غير الذكية. ووصل عدد مستخدمي "واتس أب" إلى 450 مليون مشترك حول العالم، ويستخدم 70 بالمائة من هؤلاء الخدمة بشكل فعال شبه يومي، كما أن مليون مستخدم ينضمون إليها كل يوم. بهذه الإحصائيات وضعت "واتس أب" نفسها على طريق الوصول إلى مليار مستخدم، وهو الرقم الذي وصلت إليه فيسبوك منذ أشهر فقط. وتشير تقارير عديدة إلى أن فئة مهمة من مستخدمي فيسبوك، وهم المراهقون تحديدا، هجرت موقع التواصل الاجتماعي إلى خدمات مثل أخرى "واتس أب" لأن الأول أصبح أداة "غير مريحة" لهم مع انضمام آبائهم إليه. كما أن تطبيقات مثل "واتس أب" تمنح المستخدمين خصوصية غير موجودة في الخدمات الأخرى، بالإضافة إلى طريقة مباشرة أكبر للتواصل مع أصدقائهم، عوضا عن التواصل معهم في فضاء مفتوح كما هو الحال في فيسبوك. وكان الخبير التقني مايك باتشر قال لشبكة ل"سكاي نيوز" الإخبارية "إن المراهقين يعزفون عن فيسبوك بسب شعبيته الواسعة، لذا باتوا يلجأون إلى مواقع تتيح لهم الحفاظ على الخصوصية". كما أن أكاديميين من جامعة برينستون توقعوا أن يخسر موقع فيسبوك بين عامي 2015 و2017 ما يصل إلى 80 بالمائة من مستخدميه للأسباب السابقة. هذه الأرقام وتلك التقارير دقت ناقوس الخطر لفيسبوك، فرأت أن مثل هذه الخدمات تهدد سطوتها على عالم التواصل الاجتماعي. كما أن فيسبوك لم ترغب في أن يتم استبدال شبكتها من قبل هذه الفئة المهمة من المستخدمين بخدمة أخرى، وبالتالي كان الاستحواذ هو الحل ليحقق للشركة فائدة مزدوجة كما يرى المحللون. فالاستحواذ على "واتس أب" هو استحواذ على هؤلاء المستخدمين من فئة المراهقين النشطين بما يمهد لإعادتهم إلى فيسبوك أولا، وهو خطوة استباقية لمنع المنافسين من الحصول عليهم ثانيا، وخاصة أن التقارير أشارت إلى أن غوغل عرضت الاستحواذ على "واتس أب" بقيمة 10 مليار دولار قبل أن تفعل فيسبوك ذلك، وهي التي تملك شبكة "غوغل +" للتواصل الاجتماعي. سواء كنت مستخدما لفيسبوك أو "واتس أب" أو كلاهما، فلا بد أن تتساءل ما الذي ستعنيه هذه الصفقة للمستخدم العادي؟ أول ما يخطر على بال المستخدم أن فيسبوك ستدمج تطبيقها الخاص بالمحادثة مع خدمة "واتس أب"، أو أنها ستعرض الإعلانات التجارية عبر خدمة المحادثة، إلا أن الأمر لا يبدو كذلك ولو خلال السنوات القليلة القادمة على الأقل. فالرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زكربيرغ قال بعد صفقة الاستحواذ إن شركته لا تخطط حاليا لتقديم خدمات إعلانية عبر "واتس أب"، ولا تنوي تغيير نموذج العمل الذي تبنته الشركة حاليا والقائم على فرض رسم قدره دولار واحد على كل مستخدم لتجديد الخدمة بشكل سنوي. كما أكدت شركة فيبسوك في تصريح رسمي أن خدمة المحادثة الخاصة بها وماسنجر "واتس أب" سيستمران بنفس طريقة العمل لكل منهما بشكل مستقل. وسواء أوفت الشركتان بهذه التصريحات أم لا في السنوات القادمة، ما يهم لشركة فيسبوك هي أنها لاحقت بهذا الاستحواذ مستخدمين كانوا في طريقهم لمغادرة شبكة التواصل الاجتماعي أو غادروها بالفعل. وبما أن نمو فيسبوك في الأسواق النامية لا يزال ضعيفا، فإن هذا الاستحواذ يصب أيضا في كسب هذه الفئة من المستخدمين في الشرق الأوسط وبقية دول آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا وضمهم إلى شبكة التواصل الاجتماعي التي تجاوز مستخدموها مليار و300 مليون نهاية العام الماضي. فالعنوان العريض لاستحواذ فيسبوك على "واتس أب" إذا هو "احتواء المنافسين" وخشية فيسبوك من هجرة مستخدميها، وضخ دماء جديدة في موقع التواصل بمستخدمين أكثر نشاطا. رابط الخبر بصحيفة الوئام: لهذا استحوذت فيسبوك على الواتس أب