تحدثت آيات من القرآن الكريم عن اليتيم ووجوب الحفاظ على حقوقه ورعايته، وجاء منها ما يحمل اللوم على أن اليتيم لا يكرم بين القوم الملامين وذلك في قوله عز وجل «كلا بل لا تكرمون اليتيم» أي أنه كان من الواجب إكرامه وعدم الاكتفاء برعايته وحفظ حقوقه، وفي آية شريفة أخرى ينهى البارئ جل وعلا عباده عن قهر اليتيم، في كلامه الموجه إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال الله في محكم كتابه «وأما اليتيم فلا تقهر» وحذر عز وجل من أكل أموال اليتامى ظلما وحدد مصير من يفعل ذلك في قوله «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا»، ومع ذلك كله فلايزال الواحد منا يسمع عن قصص ومواقف يتعرض خلالها أيتام ضعاف لأشد أنواع الاستغلال والهوان أحيانا من قبل ذويهم وأقرب المقربين إليهم مثل العم أو الخال أو الأخ الأكبر، وأحيانا من قبل المجتمع الذي يوجد فيه أفراد قساة لا يرحمون الضعاف من الناس ومنهم اليتامى، وربما جاء الأذى من قبل بعض العاملين في المؤسسات التي أنشئت لرعاية وكفالة الأيتام، مما تصل بعض تفاصيله إلى الصحف وتكون محل تعليق الكتاب والقراء حسرة على ما يلقاه بعض اليتامى من أذى واضطهاد، أما لو جئت إلى المحاكم وقضاتها وكتابها فقد تسمع منهم قصصا عن مظالم وقعت على أيتام صغار من قبل بعض ذويهم، وبدل أن يرعوهم ويحفظوا حقوقهم أهملوهم وضيعوا تلك الحقوق، حتى إذا ما شب الأيتام عن الطوق تقدموا إلى المحاكم مطالبين برفع الظلم عنهم وقد امتلأت قلوبهم بالحقد على من ضيعهم وضيع حقوقهم من الأقارب بدل أن تمتلئ أفئدتهم بالمودة للعصبة ولأولى الأرحام، وإذا وجد في الناس من لا يبالي بالوعيد الشديد الوارد في كتاب الله بأن أموال اليتامى التي يأكلها ظلما إنما هي نار داخلة في جوفه وأن مصيره أن يصلي سعير جهنم، فكيف لمثلهم ممن قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، أن يستمع لنصيحة ناصح أو يتعظ بموعظة واعظ، ولذلك فلازلنا بحاجة إلى المزيد من الخطوات العملية الهادفة إلى الحفاظ على اليتامى وحمايتهم من العدوان والإهانة والاستغلال بجميع أنواعه، وحماية حقوقهم المالية من الضياع، وإن لم نفعل فإننا مسؤولون عما يحصل لهم من إضاعة لحقوقهم وما قد يقع ضدهم من ظلم .. والله الهادي إلى سواء السبيل!.