تعتبر قضايا تداخل الصكوك من أصعب القضايا التي يواجهها القضاة في المحاكم لاستناد كل طرف على وثيقة قوية وهي الصك الذي يحمله، الأمر الذي يعني طول أمد هذه القضايا في المحاكم لتشدد كل طرف ودفاعه عن حقه نظرا لما يحمله الطرفان من صكوك يتطلب النظر فيها الكثير من الوقت للتأكد من صاحب الحق منهما، والمالك الحقيقي للعقار. والسبب الرئيس في قضايا تداخل الصكوك في الغالب هو المحكمة نفسها؛ لأن هناك من التداخل ما يكون سببه تزوير أحد الصكوك وتتحمل سببه المحكمة لأن الصكوك صادرة منها، إلا أن ذلك لا يعني أنها تتحمل المسؤولية، لكون الطريقة التي يتم تسجيل العقار بها في المملكة هي الطريق الشخصية وهذه لا تكفل للقضاء الضمانات الكافية للجزم بخلو سجل العقار من أي تملكات أو حقوق أخرى، بخلاف نظام التسجيل العيني للعقار الذي يستحيل معه تداخل الملكيات فضلا عن تطابقها لما يتضمنه من أحكام وإجراءات تمنع مثل هذا التداخل، كما أن الجهات المختصة بالمساحة والأراضي ليس لديها ما يفيد المحكمة عند مخاطبتها بالوضع الحقيقي للعقار لأنها لا تملك سجلا إلكترونيا يبين حال العقار وما جد عليه من تغيرات، وبالتالي فقد يصدر أكثر من صك تملك على عقار واحد.. وتبقى الحقيقة التي تخفى على الكثيرين أن العبرة أمام القضاء ليست بأقدمية الصك وإنما بتاريخ التملك، الأمر الذي يتطلب أن نوسع دائرة التثقيف القضائي لدى العامة لنعرف الحق من الباطل فنتبعه، لا أن يأتينا من يغتصب حق الآخرين ويستولي عليه بلغة الباطل وعدم فهم القوانين.